على أن تفرق بين الله ورسوله، وبين كتاب الله وبيان النبي لهذا الكتاب، لتجمد عمليا كافة النصوص الشرعية التي أعلنها النبي والمتعلقة بمنصب البيان والقيادة من بعد النبي، وأن تتجاهل بالكامل هذه النصوص الصادرة عن النبي، وتعتبرها كأنها غير موجودة، أو في أحسن الأحوال مجرد آراء شخصية لمحمد بن عبد الله الهاشمي، مثلما قررت بطون قريش أن تهمل بالكامل أهل بيت النبوة الذين اعتبرهم الدين أحد الثقلين، فاعتبرهم بطون قريش مجرد أفراد مسلمين لا ميزة لهم على أحد في مجتمع كل أفراده قد اعتنقوا الإسلام. وبدأت بطون قريش بتنفيذ قراراتها. بعد دقائق من انفضاض الاجتماع التاريخي في غدير خم. وفي كتابنا (المواجهة) أثبتنا أن بطون قريش قد مهدت لقراراتها قبل غدير خم بسنين.
مرض النبي واتهامه بالهجر وإعلان النوايا بوضوح بعد أيام من عودة النبي إلى المدينة مرض كما أخبر الناس في غدير خم، وكان سكان المدينة على يقين بأن مرض النبي هو مرض الموت، وإنه سيموت في مرضه كما أخبرهم النبي بذلك. وقد جرت العادة عند كل زعماء العالم وحتى رؤساء القبائل وعلية القوم أن يلخص الزعيم أو شيخ القبيلة، أو السيد لاتباعه الموقف من بعد موته، وأن يعلن توجيهاته وتعليماته النهائية لاتباعه فضرب النبي موعدا للخلص من أصحابه ليكتب توجيهاته النهائية للأمة. علمت بطون قريش بما عزم عليه النبي، فجمعت جمعا كبيرا، وبالوقت المحدد لكتاب التوجيهات النهائية اقتحم هذا الجمع بيت النبي، ودخلوه دون استئذان، فوجئ الخلص من أصحاب النبي، ولم يكن بوسع النبي أن يتراجع ولا ينبغي له فقال لمن حوله قربوا أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا، وما أن أتم النبي كلامه حتى قال جمع البطون بصوت واحد، إن النبي قد غلبه الوجع، ولا حاجة لنا بكتابه، إن النبي يهجر!!
استفهموه إنه يهجر!!!! وكرروا هذه الكلمة النابية على مسامعه الشريفة متجاهلين بالكامل وجوده، وحدث نزاع بين الخلص الذين دعاهم النبي وهم قلة، وبين الجمع الكبير الذي حشدته بطون قريش وارتفعت الأصوات، وأطلت النسوة من وراء الستر فقلن لجمع بطون قريش: إلا تسمعون رسول الله يقول لكم قربوا يكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده! فنهر عمر بن الخطاب النسوة لأن رأيه كان كرأي بطون