ولأسرته دولة خاصة به، بحجة أنه مسلم، وأن الخليفة غير قادر على إدارة شؤون الخلافة، وليس في تلك الولاية من هو أصلح ولا أنسب منه لقيادة الرعية.
9 - ثم تطلع عائلة تركية، وتجمع حولها أسباب القوة وتستولي بالغلبة على كافة أقاليم العالم الإسلامي، وتخضع جميع المسلمين لسلطانها ويعلن كبير العائلة التركية (العثمانية) بأنه خليفة رسول رب العالمين لأنه لا يوجد خليفة، ولا يوجد من هو أنسب للخلافة منه!!
ولأنه لا بد للمسلمين من خليفة!! ولأنه لا فرق بين عربي وعجمي!! وأن الأتقى هو الأكرم عند الله!! بمعنى أن كبير الأسرة العثمانية هو الأكرم عند الله!!
والخلاصة أن العثمانيين قد تجاهلوا وجود أهل بيت النبوة كتجاهل الذين من قبلهم، وتقدموا على أهل البيت كما تقدم الذين من قبلهم، وقبل المسلمون بذلك أو تظاهروا بالقبول كما فعل آباؤهم من قبل. وبعد قرون تسقط دولة آل عثمان، وبسقوطها يسقط نظام الخلافة التاريخية، ولكن ثقافة تلك الخلافة ومناهجها التربوية والتعليمية قد استقرت نهائيا في النفوس، فالملك لمن غلب، والتبريرات الشكلية ما هي إلا ديكور. فرفعت الشرعية الإلهية من واقع الحياة، وحل محلها التغلب والقوة، وتفسحت أشداق المطامع، وأبواب ومنافذ التنافس، وصار كل قوي يعتقد بأنه الأحق بالقيادة، فتولى الأمر غير أهله، وأهله ينظرون، وقيل لكل إمام من أئمة بيت النبوة، خاصة ولآل محمد عامة، إما أن تقبلوا ما يرتبه الظلمة الجبارون أو تموتوا!! فآثر أهل بيت النبوة الحياة لا حبا فيها لأن الجبابرة قد أفسدوها بالفعل، ولكن لينقلوا ما جرى للأجيال اللاحقة، وليكشفوا التزييف والتضليل، لعل جيل من الأجيال ينصفهم، ويفهم عدالة قضيتهم، ويفهم حجم الجريمة التي ارتكبها المجرمون بحق الله ورسوله وأهل بيته. وخلال قرون العذاب والألم كان أهل بيت النبوة يشكون بثهم وحزنهم إلى الله.
العلم الإلهي المسبق لحركة الأحداث والوعد الإلهي القاطع بإقامة دولة آل محمد الله سبحانه وتعالى يعلم بحركة الأحداث قبل وقوعها بداية وتفاصيل ونهاية