ووزع العطاء حسب هذا الجدول!! وحسب هذا الجدول لم يساو حتى بين زوجات النبي، وقد أدت عدم التسوية في العطاء إلى نشوء الطبقات فملك بعض الناس الملايين من الدنانير الذهبية بينما كان الآلاف من المسلمين لا يجدون رغيف العيش، ولما رأى الخليفة الثاني تلك الآثار المدمرة لعدم التسوية في العطاء قال وبكل بساطة: (لئن استقبلت من عامي ما استدبرت لأعملن بسنة النبي وصاحبه ولأسوين بين الناس بالعطاء)!!!!!
ولما آلت الخلافة للخليفة الثالث كانت أول مراسيمه الإعلان عن عدم السماح برواية أي حديث لم يسمع به في زمن الخليفتين الأول والثاني. واستمر المنع الشامل على كتابة ورواية أحاديث الرسول. خلال عهود الخلفاء الثلاثة الأول ترسخت مفاهيم معينة عن الحديث النبوي والسنة النبوية بشكل عام وارتبطت هذه المفاهيم بالسلطة الغالبة التي أرست حجر الأساس العملي للفترة التي تلت موت النبي. فإذا استعرضنا الأحاديث التي أذنت السلطة بشيوعها وانتشارها خلال عهود الخلفاء الثلاثة الأول نجدها منصبة بالدرجة الأولى والأخيرة على تمجيد قريش وإبراز مكانتها كعشيرة النبي، وعلى فضائل الخلفاء الثلاثة ومصاهرتهم للنبي، ومكانتهم عنده، ودورهم البارز في نصرة النبي.
والتركيز على أن الرئاسة أو الإمامة أو الخلافة أو القيادة حق خالص للمسلمين، فهم وحدهم أصحاب الاختصاص ببيعة من يريدون، أما الأحاديث والسنن المتعلقة بالأحكام والعبادات والمعاملات، فلا حرج من روايتها إن كانت لا تتعارض مع اجتهادات الخلفاء وعلومهم، واجتهادات وعلماء أولياء الخلفاء.
وهكذا خضعت كتابة ورواية الأحاديث لرقابة السلطة الصارمة، فمنع رواية الحديث وكتابته شامل وكامل، ولكن السلطة أذنت بل وشجعت على رواية وكتابة ما يخدم سياستها وتوجهاتها العامة، وما يرغم أنوف معارضيها ويكبتهم، وقربت رواة تلك الأحاديث، فكعب الأحبار الذي أسلم بعد وفاة النبي يصغى إليه، ويتكلم ويسأل، وتقرب مكانته، وأبو ذر، وحذيفة وعمار بن ياسر يجبرون على السكوت، ويطاردون في الأرض، ويضربون وينفون من الأرض.
وما يعنينا بأن الأحاديث المتعلقة بالإمامة أو الولاية من بعد النبي،.