لقد فرضت كثرة ونوعية، وصحة وتواتر، الأحاديث الصادرة عن رسول الله نفسها على الخلفاء ورعاياهم ودولتهم، فكان زخمها من القوة بحيث لم يعد بالإمكان إنكارها، أو تجاهلها أو تكذيبها، إنها قوة الحقائق الربانية التي يعترف بها المحب والكاره، المؤمن والفاسق.
لهذا كله أجمع أهل بيت النبوة ومن والاهم على أن الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر قد صدرت من رسول الله بالفعل، وأنهم قد سمعوا رسول الله يتحدث بها، وأنه قد كلفهم ببيانها ونقلها للمسلمين، وأنهم ورثوا هذه الحقيقة كجزء لا يتجزأ من علمي النبوة والكتاب.
كذلك فقد أجمع علماء دولة الخلافة بأنه قد ثبت لديهم بالوجه القطعي بأن الأخبار المتعلقة بالمهدي المنتظر قد صدرت عن رسول الله بالفعل، وأنهم قد حصلوا تلك الأخبار بنفس الطرق والوسائل التي حصلوا فيها على أخبار النبي عن الصلاة والصيام والحج وغيرها من أحكام الإسلام، وأنه قد ثبت لديهم صحتها وتواترها، وعلى ذلك تسالم جميع علماء دولة الخلافة ورعاياها عبر تاريخها السياسي الطويل، وما زال ذلك إرثا مقدسا.
رواة الأحاديث المتعلقة بالمهدي المنتظر روى الأحاديث المتعلقة بالمهدي أكثر من خمسين صحابيا. شهدت الأكثرية الساحقة منهم بأنهم قد سمعوا رسول الله يدلي بهذه الأحاديث ويتحدث بها أمامهم وعلى مسامعهم.
وتتبع العلماء بدقة متناهية بعض هذه الأحاديث حتى أوصلوها إلى بعض الصحابة فوقفت عندهم، دون أن يصرحوا بأنهم قد سمعوها من رسول الله. ولا يخفى أن أحاديث المهدي كلها من أنباء الغيب، والصحابي لا يوحى إليه، ولا يعلم الغيب إلا من رسول الله، وهذا كله يعني أن الأحاديث الموقوفة عند بعض الصحابة قد صدرت بالفعل من رسول الله. ومن المستحيل عقلا أن يتفق عدد يربو على الخمسين صحابيا على كذب!! خاصة وأنه لا مصلحة لهم بالكذب، ولم