منع كتابة ورواية أحاديث الرسول، وخشي أن يندرس هذا العلم ويموت ما تبقى من أهله، فكتب إلى واليه على المدينة وكلفه بكتابة أحاديث الرسول، ولأن الخليفة على علم بتوجهات المجتمع فقد علل قراره بخشيته من موت العلماء، واندراس علم الحديث.
فاحتج علماء عصره، وضج المجتمع الإسلامي الذي تربى على ثقافة معينة!! وتساءل الناس متعجبين؟ كيف يجرؤ عمر بن عبد العزيز على اقتراف ما نهى عنه الخلفاء الثلاثة أبو بكر وعمر وعثمان!!! وأهمل أمر الخليفة عمر بن عبد العزيز عمليا ولم ينفذ، لأن التوجه العام للمجتمع لا يحتمل ذلك، فمن غير الممكن أن يسمح بكتابة ورواية أحاديث صدرت عن رسول الله، تتضمن فضائل علي بن أبي طالب، مثلا في الوقت الذي أمرت فيه الدولة كافة رعاياها بلعنه!!
والتبروء منه!! ولا يحتمل مجتمع دولة الخلافة إبراز فضائل ومكانة أهل بيت النبوة في الوقت الذي تعتبرهم الدولة أعداء الخليفة وأعداء المجتمع!! ولكن على الرغم من أن أمر الخليفة لم ينفذ عمليا إلا أنه كان ثغرة واسعة في جدار سميك، وإعداد علمي للمجتمع ليرقى من طور إلى طور!!
وبعد قرابة مائة عام على موت الرسول اقتنع مجتمع دولة الخلافة بضرورة كتابة ورواية أحاديث الرسول، ولم تر دولة الخلافة في ذلك ما يهدد وجودها أو يمس استقرارها، فإيديولوجيتها الواقعية قد رتبت عمليا واستقرت في أذهان العامة خلال مدة المائة العام التي منعت فيها رسميا كتابة ورواية أحاديث الرسول، لهذا كله أذنت دولة الخلافة برواية وكتابة أحاديث الرسول، أو على الأقل لم تعترض على هذا التوجه الجديد!!
الانطلاقة الكبرى في رواية وكتابة الحديث أ - على صعيد علماء دولة الخلافة على ضوء التوجه العام والواقع الجديدين، انطلق علماء دولة الخلافة ليبحثوا عن كل ما صدر عن نبيهم من قول أو فعل أو تقرير قبل مائة عام!!!.