هي حجة الوداع، وأنه لن يلقى المسلمين بعد هذا العام، وأنه وبمجرد عودته إلى المدينة سيمرض وسيموت في مرضه، وأنه أراد أن يلقي القول معذرة للمسلمين، وأنه قد ترك من بعده ثقلين أحدهما كتاب الله وهو الثقل الأكبر وثانيهما أهل بيت النبوة، وهم الثقل الأصغر، وأن الأمة لن تهتدي إلا إذا تمسكت بالثقلين معا، ولا يمكن أن تتجنب الضلالة إلا بتمسكها بالاثنين معا، ثم سأل النبي المسلمين المجتمعين في غدير خم قائلا: ألست وليكم؟ ألست مولاكم؟ فأجاب المسلمون بلسان واحد، بلى يا رسول الله أنت ولينا ومولانا!! فقال الرسول: من كنت وليه فهذا علي بن أبي طالب وليه، ومن كنت مولاه فهذا على مولاه. وفهم المسلمون المغزى، وجلس علي وتقدم المسلمون واحدا واحدا وبايعوه بالولاية وقدموا له التهاني، وعرفوا بأن عليا هو أول أئمة أهل بيت النبوة، وأن الإمام من بعده هو ابنه الحسن، وأن الإمام من بعد الحسن هو ابنه الحسين، وأن نظام الولاية والقيادة من بعد النبي قد انتظم، فالقائم من الأئمة يعهد بالإمامة لمن يليه وفقا لترتيب ألهي عهد الله به لنبيه وعهد النبي به لأول الأئمة. وقد وثقنا كل ذلك في كتابينا:
(المواجهة مع رسول الله وآله) ونظرية عدالة الصحابة، فارجع إليهما إن شئت للتيقن من إجماع أصحاب الحديث على كل ما ذكرناه.
الانقلاب والتنكر التام للرسول ولبيانه ولأهل بيته الكرام بطون قريش التي قاومت النبي وعادته طوال ال 15 سنة التي قضاها في مكة قبل الهجرة، وحاربته طوال مدة 8 سنوات بعد الهجرة، ثم اضطرت مكرهة للدخول في الإسلام شكلت وأعوانها الأكثرية في المجتمع المسلم. لم ترق هذه الترتيبات الإلهية التي أعلنها الرسول لتلك البطون. وبنفس الوقت فإن البطون قد أدركت بأن النبوة قد تمخضت عن ملك عريض، لذلك طمعت البطون بهذا الملك، وخططت لغصبه من أهله وأخذت تتحين الفرص لتنفيذ مخططها. لقد أدركت البطون عمق التكامل والترابط بين الكتاب المنزل وبيان النبي المرسل، وتيقنت من استحالة تنفيذ مخططها هذا في حالة بقاء هذا التكامل والترابط بين كتاب الله وبيان النبي لهذا الكتاب. لذلك كله قررت بطون قريش وصممت نهائيا.