وحده يكفي، ولا حاجة لبيان النبي، لأن بإمكان أي إنسان أن يفهم القرآن حسب رأي البطون!! ورواية أحاديث النبي وكتابة هذه الأحاديث تسبب الخلاف والاختلاف بين المسلمين، وقيادة البطون ترى أن منع الاختلاف والخلاف يتحقق عندما تمنع رواية وكتابة أحاديث الرسول!!!
وبدأت قيادة البطون بتطبيق مراسيمها بصراحة تامة، فكانت تحرق كل ما وصل إليها من أحاديث الرسول، وكانت تتصيد كل ما هو مكتوب من أحاديث الرسول فتتلفه، وحرمت مرارا وتكرارا تلك الأحاديث، مثلما حرمت روايتها تحريما كاملا، إلا ما كان يخدم توجهاتها وسياستها، وبهذه الظروف خبأ أهل بيت النبوة كنوز العلم الثمينة والنادرة والتي تلقوها من رسول الله مباشرة، خوفا عليها، وتناقلوها كابرا عن كابر، وأفاضوا منها سرا على أوليائهم، وكانت دولة الخلافة تراقبهم مراقبة دقيقة، وتتمنى لو تجد تلك الكنوز النادرة لتحرقها تحريقا، وتتلفها إلى الأبد. ونجح أئمة أهل بيت النبوة بإخفاء تلك الكنوز العلمية، ورغم المنع المفروض على رواية الحديث إلا أنهم نجحوا بتسريب الكثير الكثير من معارفهم إلى المسلمين عامة، وإلى أوليائهم خاصة، بالرغم من رقابة الدولة الصارمة، وأدعية الإمام زين العابدين المعروفة من الأمثلة الحية فالأدعية أحاسيس عميقة صادقة استوحاها الإمام من علمي النبوة والكتاب، ومن خلالها بث شكواه ولوعته وحزنه العظيم، ثم كتبها بخط يده لينقلها إلى الأجيال اللاحقة، ومع أنها أدعية إلا أنه كان خائفا عليها كما خافت أم موسى على ولدها، فكان ينقلها من مكان إلى مكان، ومن حرز إلى حرز لأن دولة الخلافة الأموية لو عثرت عليها لمزقتها تمزيقا ولحرقتها تحريقا. لأن دولة الخلافة أرادت أن تمحو من ذاكرة المسلمين نهائيا وإلى الأبد كل الأحكام الشرعية المتعلقة بمنصب القيادة من بعد النبي والمتعلقة بمكانة أهل بيت النبوة، حتى لا يبقى في الشريعة أثر يدين استيلائها على القيادة بالقوة والتغلب وكثرة الأتباع.
وخلال مدة المائة سنة التي حرمت فيها دولة الخلافة كتابة ورواية أحاديث الرسول، عاش الإسلام والفئة المتنورة من المسلمين محنة كبرى، ووطأة عظمي، وكان أهل البيت الكرام أكثر الناس إحساسا بالمحنة والوطأة وما زاد الطين بلة أن.