الفصل الرابع:
المهمة الكبرى للمهدي المنتظر بعد انتقال النبي الأعظم إلى جوار ربه، واستيلاء بطون قريش على منصب الخلافة بالقوة والتغلب، وحيازتها الفعلية للملك الذي تمخضت عنه النبوة، حدثت تغييرات هائلة وشاملة وجذرية، طالت كل شئ كان النبي قد مسه، فنقلته من مكان إلى آخر، وعدلت وبدلت فيه، حتى غيرت حقيقته تماما ولم يبق منه إلا اسمه أو رسمه الإسلامي.
فقد حلت عرى الإسلام كلها سريعا عروة بعد عروة، ورفعت مضامينه ومفاهيمه الجوهرية من واقع الحياة تماما أو حيدتها!! ولم يبق من الإسلام إلا اسمه والإطار العام أو الشكل اللازم لبقاء الملك، وتوسيع رقعة المملكة أو الإمبراطورية ولكن باسمه، أما الإسلام الحقيقي بجوهره ومضمونه فقد صار غريبا، لا يعرفه المجتمع أبدا!! ولا شئ يدل عليه أو يرمز إليه إلا الفئة المؤمنة القليلة والمتكونة من آل محمد وأهل بيته وقدامى المحاربين المؤمنين الذين قامت دولة النبوة على أكتافهم، وانتشرت دعوة الإسلام بسيوفهم وألسنتهم، وصحبوا النبي فأحسنوا الصحبة ووالوه فأخلصوا بالولاء، واستوعبوا ووعوا علوم الإسلام، فلما مات النبي تمسكوا بالقرآن وبأهل بيت النبوة كما أمروا فنقمت عليهم دولة الخلافة، وصبت جام غضبها عليهم فعزلتهم مع أهل بيت النبوة، وحرمت عليهم.