والأحاديث المتعلقة بمكانة أهل بيت النبوة وفضائلهم كانت محظورة ومحصورة حصرا تاما، وحيل بين الناس وبين معرفتها، وتم تجاهل أهل بيت النبوة سياسيا تجاهلا تاما، وتم استبعادهم وأولياؤهم عن كافة مراكز التأثير والخطر فتأخروا وهم المتقدمون، وتقدم عليهم كافة المتأخرين، فمع وجود علي بن أبي طالب يتمنى عمر بن الخطاب لو أن سالم مولى أبي حذيفة حيا ليوليه الخلافة، وسالم هذا مولى لا يعرف له نسب في العرب، فعمر بن الخطاب يعتقد حسب اجتهاده وموازينه أن سالم مولى أبي حذيفة هو أولى بخلافة النبي من علي بن أبي طالب ابن عم النبي، وأول المؤمنين به، وزوج ابنته ووالد سبطيه، وفارس الإسلام والولي الرسمي لكل مؤمن ومؤمنة، وسيد العرب وسيد المسلمين وإمامهم بالنص الشرعي!!
وعندما تمنى عمر لو أن سالم أو خالد، أو أبا عبيدة، أو معاذ بن جبل أحياء لولى أحدهم الخلافة، ويوضح عمر الأسباب فيقول فلو سألني ربي عن ذلك لقلت سمعت نبيك يقول، ويروي حديثا سمعه عن النبي في كل واحد من أولئك الذين تمنى عمر حياتهم!! والمثير حقا أن عمر نفسه سمع النبي يقول: (من كنت وليه فهذا علي بن أبي طالب وليه، ومن كنت مولاه فهذا علي مولاه، وسمع النبي وهو يقول عن علي: (إنه وليكم من بعدي) وسمعه وهو يقول له أنت سيد العرب، وأنت سيد المسلمين وإمام المتقين، والاهم من ذلك أن عمر نفسه قد هنأ الإمام علي بالولاية في غدير خم...
لكنها سياسة لجم الحديث النبوي وإلزامه على السير بما يتلاءم مع توجهات السلطة وإرغام أنوف معارضيها.
لما آلت الخلافة لعلي بن أبي طالب، وبايعته الأكثرية الساحقة التي بايعت الخلفاء الثلاثة، وجد أن دائرة الحصار والخطر على كتابة أحاديث الرسول محكمة تماما وأنه ليس من اليسير اختراقها وبيان الحقائق الشرعية للناس، لأن مضامين هذه الدائرة قد استقرت بعد أن أصبحت منهاجا تربويا وتعليميا رسميا للناس خلال عهود الخلفاء الثلاثة الأول، فأوجد الإمام طريقة خاصة لاختراق تلك الدائرة وفتح نوافذ فيها، فكان يشهد ويحدث شخصيا بما سمعه من النبي، وكان يغتنم فرصة