وبين بيان النبي لهذا الكتاب، مثلما هم على يقين تام بأن أحدهما لا يغني عن الآخر. وهم على علم بتركيز النبي المكثف والخاص على هذه الناحية.
وقد تحدث أئمة أهل البيت عن مجموعة حقوقية شرعية كبرى قد ورثوها عن رسول الله اسمها (الجامعة) أملاها رسول الله وكتبها الإمام علي بن أبي طالب بخط يده، وكلف رسول الله عليا أن يحتفظ بها، وأن يورثها للأئمة من بعده وهي تشتمل على العلم كله، القضاء والفرائض، وما يحتاج إليه الناس حتى أرش الخدش، وما خلق الله من حلال ولا حرام إلا وضوابطه بهذه الجامعة، وأن هذه الجامعة لم تدع لأحد كلاما. ويبدو أن هذه المجموعة قد أملاها رسول الله خصيصا للأئمة القادة من أهل البيت ليحكموا بها إذا تولوا حكم الناس، لأن فيها حكم الله.
وتحدث الإمام علي عن صحف كثيرة عنده، ووصف تلك الصحف بأنها (قطايع) أي مخصصات رسول الله وأهل بيته. ويروي علماء دولة الخلافة أنه بعد فترة من موت رسول الله جاء علي بن أبي طالب وهو يحمل كتاب الله وتفسيره على ظهره، وأنه قد عرض على قيادة دولة البطون أن يحكم بينهم بما أنزل الله وما أملى رسوله، وأن هذه الدولة رفضت العرض.
ويبدو من كثير من الأحاديث إن لدى أئمة أهل البيت كتابين آخرين قد كتبا بخط الإمام علي وعلى عهد رسول الله، ويسمى أحد هذين الكتابين: (بمصحف فاطمة) وفيه أنباء من الحوادث الكائنة والمتعلقة بالأئمة، أما الكتاب الآخر فيسمى ب (الجفر) وهو يشتمل على أنباء من الحوادث الكائنة عموما). (راجع بصائر الدرجات ص 144 - 148 - 156 و 160، وأصول الكافي ج 1 ص 241 وص 57 والوافي ج 2 ص 125 ومعالم المدرستين ج 2 ص 300 - 312 وكتابنا الخطط السياسية ص 191 - 197). ومن المؤكد أن ذلك قد حدث بالفعل فرسول الله متيقن أنه ميت لا محالة، وموقن من حاجة الأمة إلى بيان كافة الأحكام الشرعية بيانا قائما على الجزم واليقين، وهو بيانه الشريف، ولأن عليا بن أبي طالب هو المخول شرعا بالبيان بعد وفاة الرسول، ولأنه من الرسول بمنزلة هارون من موسى باعتراف قادة دولة البطون، ولأن الإمام علي أعظم علماء.