الشعوب يزرعون في قلوب أبناء الشعوب الأرض وقبائله الرعب والهلع والخوف، فمصير الذي لا يسير بركابهم الموت الزؤام، أو قطع رزقه وحرمانه من حقوقه، وتجويعه حتى الموت البطئ، تلك الأساليب الإجرامية التي عممها الظالمون في الأرض طبعت أبناء الجنس البشري بطابع الذل، ووسمتهم بسمة العبودية، وأبطلت في نفوسهم عناصر المقاومة، وجعلت الرعب والخوف مقيما دائما بلا شعور كل واحد من ضحايا الظلم والظالمين. وتحول كل واحد من رعاياهم إلى آلة بأيديهم أو مطية من مطاياهم أو عبد من عبيدهم.
اللغة التي يفهمها أئمة الضلالة أئمة الضلالة يتقنون لغة واحدة وهي لغة القوة، والغلبة، والبطش والقهر، والإذلال، والقتل، والرعب، والخوف، هذه هي مقومات وجودهم، وأساس ملكهم، وضمانة استمراره، وهم لا يعرفون الدين إلا بالقدر الذي يروي شهوة الحكم عندهم، ويخدم هذه الشهوة وهم لا يعرفون الرحمة إلا كأداة من أدوات ضحكهم على عباد الله. إن أئمة الضلالة وأعوانهم لا دين لهم ولا أخلاق، ولا مبادئ، ولا يقرون بوجود أية حواجز تقف بوجه ظلمهم، أو ما يريدون، لقد حولوا الكرة الأرضية إلى غابة يحكم القوي فيها الضعيف، ويفترس ذو الأنياب من لا ناب له، حولوها إلى مسرح لا شرعية عملية فيه إلا الظلم وفقه الهوى. فالقوة أولا، والقوة هي عصب الحياة وناموسها.
جوهر مشكلة الإمام المهدي مع أئمة الضلالة في الأرض أئمة الضلالة الذين يحكمون العالم عند ظهور الإمام المهدي لن يتركوا الحكم بالرضا، لأنهم لا يفهمون الرضا، ولا وجود لهذه الكلمة في قواميسهم ومن جهة أخرى، فإن أئمة الضلالة قد أدمنوا شهوة الحكم، وباعتقادهم أن حياتهم ستنتهي إن هم تخلوا عنه، ويخيل إليهم أن الكرة الأرضية ستخرب إن لم يحكموها، ومن جهة ثالثة، فإن القوة والقوة وحدها هي الحكم الفصل بين أئمة الظلم ومن ينازعهم الحكم. والأخطر من ذلك كله أن أئمة الضلالة قد حولوا.