كل من يسمونه صحابيا حتى خرجوا عن الاعتدال فاحتجوا بالغث منهم والسمين، واقتدوا بكل مسلم سمع من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو رآه اقتداء أعمى، وأنكروا على من يخالفهم في هذا الغلو، وخرجوا في الإنكار على كل الحدود.
وما أشد إنكارهم علينا حين يروننا نرد حديث كثير من الصحابة مصرحين بجرحهم أو بكونهم مجهولي الحال عملا بالواجب الشرعي في تمحيص الحقائق الدينية والبحث عن الصحيح من الآثار النبوية.
وبهذا ظنوا الظنون فاتهمونا بما اتهمونا رجما بالغيب وتهافتا على الجهل، ولو ثابت إليهم أحلامهم ورجعوا إلى قواعد العلم لعلموا أن أصالة العدالة في الصحابة مما لا دليل عليها، ولو تدبروا القرآن الحكيم بوجوده مشحونا بذكر المنافقين منهم وحسبك منه سورة التوبة والأحزاب " (إنتهى كلام شرف الدين).
ويقول الدكتور حامد حفني داود أستاذ كرسي الأدب العربي ورئيس قسم اللغة العربية بجامعة عين شمس بالقاهرة: " أما الشيعة فيرون أن الصحابة كغيرهم تماما لا فرق بينهم وبين من جاء بعدهم من المسلمين إلى يوم القيامة.
وذلك من حيث خضوعهم لميزان واحد هو ميزان العدالة الذي توزن به أفعال الصحابة كما توزن به أفعال من جاء بعدهم من الأجيال وأن الصحبة لا تعطي بصاحبها منقبة إلا إذا كان أهلا لهذه المنقبة وكان لديه الاستعداد نعموا برسالة صاحب الشريعة صلى الله عليه وآله وسلم، وأن منهم المعصومين كالأئمة الذين نعموا بصحبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كعلي وابنيه (عليهم السلام) ومنهم العدول وهم الذين أحسنوا الصحبة لعلي بعد انتقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرفيق الأعلى.
ومنهم المجتهد المصيب، ومنهم المجتهد المخطئ ومنهم الفاسق، ومنهم الزنديق، وهو أقبح من الفاسق وأشد نكالا ويدخل في دائرة الزنديق المنافقون والذين يعبدون الله على حرف، كما أن منهم الكفار وهم الذين لم يتوبوا من نفاقهم والذين ارتدوا بعد الإسلام.