اختبار الحاكم العباسي لعلماء عصره كان الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور من الدهاة الكبار وقد عرف كيف يستولي على عقول الناس ويشتري ضمائرهم، وقد عمل على بسط نفوذه وتوسيع دائرة ملكه بوسائل الترغيب والترهيب.
كما عرفنا مكره ودهاءه من خلال تعامله مع مالك بعد ما ضربه والي المدينة، مما يدلنا على الصلة الوثيقة التي تربطه بالإمام مالك قبل تلك الواقعة بزمن طويل.
فقد كان لمالك لقاء مع المنصور قبل هذا اللقاء الذي ذكرناه بخمسة عشر عاما وذلك إبان استيلاء المنصور على الخلافة (1). وقال المنصور لمالك فيما قال: يا أبا عبد الله إني رأيت رؤيا! فقال مالك: يوفق الله أمير المؤمنين إلى الصواب من الرأي ويلهمه الرشاد من القول، فما رأى أمير المؤمنين؟
فقال أبو جعفر: رأيت أني أجلسك في هذا البيت، فتكون من عمار بيت الله الحرام ، وأحمل الناس على علمك، وأعهد إلى أهل الأمصار يوفدون إليك وفودهم، ويرسلون إليك رسلهم في أيام حجهم لتحملهم من أمر دينهم على