يقولون: كلهم مجتهدون للمصيب منهم أجران وللمخطئ أجر واحد، وليس لنا نحن أن نخوض في شؤونهم.
ومن المؤكد أن هؤلاء ورثوا هذه العقيدة من آبائهم وأجدادهم سلفا عن خلف فهم يرددونها ترديد الببغاء بدون تدبر ولا تمحيص.
وإذا كان إمامهم الغزالي نفسه قد اتخذ هذا الرأي وبثه في الناس فأصبح بذلك حجة الإسلام والمسلمين، فقد قال في كتابه " المستصفي ": " والذي عليه السلف وجماهير الخلف أن عدالة الصحابة معلومة بتعديل الله عز وجل إياهم وثنائه عليهم في كتابه، وهو معتقدنا فيهم ".
وأنا أتعجب من الغزالي ومن " أهل السنة والجماعة " عموما على استدلالهم بالقرآن على عدالة الصحابة، وليس في القرآن آية واحدة تدل على ذلك، بل في القرآن آيات كثيرة تنفي عدالتهم وتفضح سرائرهم وتكشف نفاقهم.
وقد أفردنا فصلا كاملا لهذا الموضوع في كتابنا " فاسألوا أهل الذكر " من صفحة 113 إلى 127 فمن أراد مزيد البحث والوقوف على تلك الحقائق، فليرجع للكتاب المذكور ليعرف قول الله وقول الرسول فيهم. ولكي يعرف الباحث بأن الصحابة لم يكونوا يحلمون يوما بالمنزلة التي اخترعها لهم " أهل السنة والجماعة " فما عليه إلا قراءة كتب الحديث وكتب التاريخ التي طفحت بأفعالهم الشنيعة وتفكير بعضهم، وكيف أن الكثير منهم كان يشك في نفسه إن كان من المنافقين.
فها هو البخاري يخرج في صحيح بأن ابن مليكة أدرك ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه وما منهم أحد يقول إنه على إيمان جبرئيل. (1) وها هو الغزالي نفسه يخرج في كتابه بأن عمر بن الخطاب كان يسأل حذيفة بن اليمان إن كان رسول الله سماه في جملة المنافقين الذين أعلمه بأسمائهم (2