تعليق لا بد منه لفائدة البحث والتحقيق يلاحظ المتتبع لهذه المقابلة الودية التي جمعت بين الإمام مالك والخليفة الجائر أبي جعفر المنصور، ومن خلال المحاورة التي دارت بينهما نستنتج الأمور التالية:
* أولا: نلاحظ بأن الخليفة العباسي عزل واليه على المدينة وهو ابن عمه وأقرب الناس إليه، وأهانه الإهانة بعد عزله، ثم يعتذر للإمام مالك عما صدر عنه ويقسم بالله أنه لم يكن بأمره ولا بعلمه ولم يرضه عندما بلغه.
كل ذلك يدل على الوفاق التام الذي كان بين الرجلين، والمكانة التي كان يحظى بها الإمام مالك عند أبي جعفر المنصور، إلى درجة أنه يستقبله على انفراد بلباس داخلي، ويجلسه مجلسا لم يجلس فيه أحد قط حتى أن ابن الخليفة فزع وتقهقر عندما رأى ركبتي مالك لاصقة بركبتي أبيه.
* ثانيا: نستفيد من قول المنصور لمالك: لا يزال أهل الحرمين بخير ما كمنت بين أظهرهم، وإنك أمان لهم من عذاب الله وإن الله دفع بك عنهم وقعة عظيمة، بأن أهل الحرمين أرادوا الثورة على الخليفة وحكمه الظالم فهداهم الإمام مالك وأحمد ثورتهم ببعض الفتاوى كالقول بوجوب الطاعة لله ورسوله وأولي الأمر (وهو الحاكم) وبذلك استكان الناس