السر في انتشار المذاهب السنية إن المتتبع في كتب التاريخ وما دونه الأسلاف يجد بما لا شك فيه بأن شيوع المذاهب السنية الأربعة في تلك العصور كان بإرادة السلطة الحاكمة وإدارتها، ولذلك كثر أتباعها فالناس على دين ملوكهم.
كما يجد الباحث بأن هناك عشرات المذاهب التي انقرضت وذابت لأن الحاكم لم يكن راض عليها، كمذهب الأوزاعي ومذهب حسن البصري، وأبو عيينة وابن أبي ذؤيب، وسفيان الثوري، وابن أبي داود، وليث بن سعد وغيرهم كثير.
وعلى سبيل المثال، فإن ليث بن سعد كان صديق مالك بن أنس وكان أعلم منه وأفقه كما اعترف بذلك الشافعي (1).
ولكن مذهبه انقرض وفقهه ذاب واندرس لأن السلطة لم تكن عنه راضية.
وقال أحمد بن حنبل: كان ابن أبي ذؤيب أفضل من مالك بن أنس إلا أن مالكا أشد تنقية للرجال (2).
وإذا راجعنا التاريخ، فإننا نجد مالكا صاحب المذهب قد تقرب إلى السلطة والحكام وسالمهم ومشى في ركابهم، فأصبح بذلك الرجل المهاب والعالم المشهور، وانتشر مذهبه بوسائل الترهيب والترغيب خصوصا في الأندلس حيث