ومعنى هذا أن الشيعة - وهم شطر عظيم من أهل القبلة - يضعون جميع المسلمين في ميزان واحد ولا يفرقون بين صحابي وتابعي ومتأخر، وأن الصحبة في ذاتها ليست حصانة يتحسن بها من درجة الاعتقاد.
وعلى هذا الأساس المتين أبا حوا لأنفسهم - اجتهادا - نقد الصحابة والبحث في درجة عدالتهم، كما أبا حوا لأنفسهم الطعن في نفر من الصحابة أخلوا بشروط الصحبة و حادوا عن محبة أن محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
كيف لا، وقد قال الرسول الأعظم: " إني تارك فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أل بيتي، وإنهما يفترقا حتى يردا على الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ".
وعلى أساس من هذا الحديث ونحوه يرون أن كثيرا من الصحابة حالفوا هذا الحديث باضطهادهم لآل محمد، ولعنهم لبعض أفراد هذه العترة، ومن ثم فكيف يستقيم لهؤلاء المخالفين شرف الصحبة، وكيف يوسموا بسمة العدالة؟!
ذلك هو خلاصة رأي الشيعة في نفي صفة العدالة عن بعض الصحابة وتلك هي الأسباب العلمية الواقعية بنوا عليها حججهم ".
هذا ويعترف الدكتور حامد حنفي داود في موضع آخر بأن نقد الصحابة وتجريحهم ليس هو بدعا من مسائل العقيدة، ولم يكتفوا فيما تعرضوا له بعامة الصحابة بل تعرضوا للخلفاء أنفسهم، وكان لهم في ذلك خصوم ومؤيدون.
وقد كان موضوع نقد الصحابة قصرا - في القرون الأولى - على الراسخين في العلم ولخاصة علماء المعتزلة، وسبقهم في هذا الاتجاه رؤوس الشيعة وزعماء المتعصبين لآل محمد.
وسبق أن أشرت في غير هذا الموضع أن علماء الكلام وشيوخ المعتزلة كانوا عالة على زعماء الشيعة منذ القرن الهجري الأول، وعليه فقضية نقد الصحابة إنما هي وليدة التشيع لآل محمد، ولكنها كانت وليدة التشيع، لا لذات التشيع،