والتاريخ هو خير شاهد على الأعمال وبها نقيم شخصية الإنسان وقيمته ولا نقيم الإنسان مما يقال فيه كذبا وبهتانا.
وهي بالضبط مقولة الإمام علي: اعرف الحق تعرف أهله. وبما أننا درسنا التاريخ وعرفنا ما فعله خالد بن الوليد وعرفنا الحق من الباطل فلا يمكن لنا أن نسميه سيف الله، ويحق لنا أن نسأل متى لقبه رسول الله بذلك، هل سماه سيف الله عندما قتل أهل مكة يوم الفتح وقد عرفنا بأنه صلى الله عليه وآله وسلم نهاه عن القتال؟ أم عندما بعثه مع سرية زيد بن حارثة إلى مؤتة وقال: إذا قتل زيد، فجعفر بن أبي طالب وإذا قتل جعفر فعبد الله بن رواحة، ولم يعينه حتى في المرتبة الرابعة لقيادة الجيش، وبعد مقتل الثلاثة لاذ خالد بالفرار من المعركة بمن بقي من الجيش؟
أم لقبه بسيف الله عندما خرج معه إلى غزوة حنين صحبة اثني عشر ألف مقاتل فأعطى بالأدبار وولى هاربا تاركا رسول الله في المعركة ومعه اثنا عشر رجلا؟
وإذا كان الله يقول: ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئيس المصير (الأنفال: 16).
فكيف يسمح لسيفه بالهروب؟ إنه حق أمر عجيب!
وأنا أعتقد أن خالدا لم يكن يعرف هذا اللقب في حياة النبي أصلا ولم يقله رسول الله أبدا، وغاية ما هناك أن أبا بكر هو الذي أعطى لخالد هذا الوسام عندما بعثه لإسكات الثائرين عليه من أجل الخلافة وفعل بهم ما فعل ونقم عليه عمر بن الخطاب وقال لأبي بكر: إن سيف خالد لرهقا وهو أعرف الناس به وأقربهم إليه، عند ذلك قال أبو بكر لعمر: إن خالدا سيف من سيوف الله سله على أعدائه، إنه تأول فأخطأ، (ومن هنا جاء هذا اللقب).
وأخرج الطبري في الرياض النضرة أنه كان في بني سليم ردة فبعث إليهم أبو بكر خالد بن الوليد فجمع رجالا منهم في الحضائر وأضرم عليهم النار فأحرقهم، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فأتى أبا بكر فقال: تدع رجلا يعذب بعذاب الله عز وجل؟