ومهما اعتذر المعتذرون عن خالد بأنه صد عن الدخول إلى مكة وأنه شهروا في وجهه السلاح، فهذا لا يبيح له القتال بعد نهي النبي عنه، وكان بوسعه أن يرجع إلى باب آخر فيدخله بدون قتال، كما فعل الآخرون، أو أن يبعث للنبي صلى الله عليه وآله وسلم يستشيره في قتال الذين منعوه الدخول.
ولكن شيئا من ذلك لم يكن، واجتهد خالد برأيه مقابل النص الذي سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وما دمنا نتحدث عن الاجتهاد مقابل النص والذي أصبح له أنصار ومؤيدون، أو قل أصبحت له مدرسة قائمة تخرج منها عظماء الصحابة والمشرعون وسميت فيما بعد بمدرسة الخلفاء، لا بد لنا من الإشارة هنا بأن الاجتهاد بهذا المعنى هو معصية الله ورسوله لا غير، ولأننا ألفنا اصطلاح الاجتهاد مقابل النص فأصبح وكأنه أمر مشروع، وفي الحقيقة يجب أن نقول: وعصى خالد أمر النبي بدل أن نقول: واجتهد خالد برأيه مقابل النص كما علمنا القرآن عندما قال: وعصى آدم ربه فغوى (طه: 121)، لأن الله نهاه عن الأكل من الشجرة ولأن آدم أكل منها، فلا تقول: فاجتهد آدم برأيه مقابل النص.
ويجب على المسلم أن يقف عند حده ولا يقول برأيه في مسألة ورد فيها أمر أو نهي من الله أو من رسوله، لأن ذلك هو الكفر الصريح.
قال الله للملائكة: اسجدوا لآدم، فهذا أمر، فسجدوا (طه / 116)، وهذا إيجاب وامتثال وطاعة.
إلا إبليس فإنه اجتهد برأيه فقال: أنا خير منه فكيف أسجد له؟ وهنا عصيان وتمرد، بقطع النظر عمن هو خير، آدم أم إبليس؟
ولذلك قرر سبحانه: ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة (الأحزاب: 36).
وإلى هذا أشار الإمام جعفر الصادق عندما قال لأبي حنيفة: لا تقس فإن