الشريعة إذا قيست محقت، وإن أول من قاس إبليس عندما قال: أنا خير منه خلقني من نار وخلقته من طين.
وقوله: إن الشريعة إذا قيست محقت هو أحسن تعبير للدلالة على فساد القياس، فلو استعمل الناس آراءهم المختلفة مقابل النصوص فلا ولن يبق للشريعة أثر، ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض.
ونعود بعد هذا العرض الوجيز للاجتهاد لنقول في هذه المرة بأن خالد بن الوليد عصى أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مرة أخرى عندما بعثه إلى بني جذيمة يدعوهم إلى الإسلام ولم يأمره بقتال.
فذهب إليهم وأوقع فيهم وغدر بهم بعدما أعلنوا إسلامهم وقتلهم صبرا، حتى أتهمه عبد الرحمان بن عوف - الذي حضر معه تلك الوقعة - بأنه إنما قتلهم ليثأر لعميه اللذين قتلهما بنو جذيمة (1).
ولما سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بتلك الوقعة الشنيعة تبرأ إلى الله مما صنع خالد ثلاث مرات، ثم أرسل إليهم علي بن أبي طالب بأموال كثيرة فودى لهم كل الدماء التي أهرقها خالد.
ومهما يعتذر المعتذرون من أهل السنة والجماعة عن خالد بن الوليد، فإن صفحات تاريخه حافلة بالمآسي والمعاصي لكتاب الله وسنة رسوله، ويكفي الباحث أن يقرأ تاريخه وما فعله في اليمامة أيام أبي بكر، وغدره بمالك بن نويرة وقومه وكيف قتلهم صبرا وهم مسلمون ودخل بزوجة مالك ونكحها في ليلتها ولم يراع في ذلك شرع الإسلام ولا مروءة العرب.
حتى أن عمر بن الخطاب مع تساهله في الأحكام إلا أنه شنع عليه وسماه عدو الله وتوعده بالرجم.