والحال أن الله حرم على المؤمنين الزواج بنساء النبي بعد وفاته بقوله تعالى:
وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم عند الله عظيما (الأحزاب: 53) وقال أيضا: النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم (الأحزاب: 6).
وقد سبق أن أشرنا بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تأذى من قول طلحة لما سمعه يقول: إذا مات محمد تزوجت عائشة بنت عمي.
فأراد الله سبحانه أن يقول للمؤمنين بأن نساء النبي حرام عليكم نكاحهن كحرمة أمهاتكم.
مع العلم بأن عائشة كانت عقيما فلم تحمل ولم تخلف وكانت من أكبر الشخصيات التي عرفها تاريخ المسلمين، إذ أنها لعبت أكبر الأدوار في تقريب البعض من الخلافة وإبعاد البعض عنها، وعملت على تزكية قوم وإقصاء آخرين.
وشاركت في الحروب وقادت المعارك والرجال، وكانت تبعث بالرسائل لرؤساء القبائل وتأمر وتنهي وتعزل أمراء الجيوش وتؤمر آخرين وكانت قطب الرحى في معركة الجمل وعمل طلحة والزبير تحت قيادتها.
ونحن لا نريد الإطالة في سرد أدوار حياتها فقد وافينا البحث عنها في كتاب فاسألوا أهل الذكر فعلى الباحثين مراجعته إن أرادوا معرفة ذلك.
ولكن الذي يهمنا في هذا البحث هو اجتهادها وتغييرها لسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا بد من إبراز بعض الأمثلة لكي نفهم من خلال سلسلة هؤلاء العظماء الذين هم مفخرة أهل السنة والجماعة والذين يقتدون بهم ويقدمونهم على الأئمة الطاهرين من عترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وليس ذلك في الحقيقة إلا نزعة قبلية عملت على محق السنة النبوية وطمس معالمها وإطفاء نورها، لولا وقوف علي والأئمة من ولده لما وجدنا اليوم من سنة النبي شيئا يذكر.
وكما عرفنا بأن عائشة لم تمتثل لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم تقم لها وزنا