والجماعة بأن سفيان أسلم وحسن إسلامه وهو في الجنة لأن الإسلام يجب ما قبله.
ولا يتقبلون بعد ذلك التحليل العقلي الذي يوصلهم إلى الحقيقة، وبهذا الحديث أيضا يعفى كل ما فعله أبو سفيان تجاه صاحب الرسالة ودعوته، وتنسى كل الحروب التي قادها ومولها للقضاء على محمد، وينسى حقده وبغضه للنبي حتى أنه لما جاؤوا به وقالوا له أسلم وإلا ضربنا عنقك قال: أشهد أن لا إله إلا الله، فقالوا: قل:
أشهد أن محمدا رسول الله فقال: أما هذه ففي نفسي شئ منها.
وكان إذا اجتمع بالنبي بعد استسلامه يقول في نفسه: بأي شئ غلبني هذا؟ فيقول له النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالله عليك يا أبا سفيان.
فهذان مثلان ضربتهما من واقعنا الإسلامي حتى يتبين للباحثين مفعول التأثير النفسي على الناس وكيف يحجبهم عن الحق، ومن هذا نفهم بأن أهل السنة والجماعة غلفوا الصحابة بهالة من الأحاديث المكذوبة أكسبتهم حصانة وقدامة في نفوس الغافلين فلم يعودوا يتقبلون فيهم نقد الناقدين ولومة اللائمين.
وإذا اعتقد المسلم بأن هؤلاء بشرهم رسول الله بالجنة فلا يتقبل بعد ذلك فيهم أي قول وكل ما فعلوه يهون ويلتمس لهم فيه أعذار أو تأويلات هذا إذا لم يغلق الباب من أوله.
ولذلك وضعوا لكل واحد من كبرائهم لقبا نسبوه للرسول صلى الله عليه وآله وسلم فهذا صديق وهذا فاروق وهذا ذو النورين، وهناك حب رسول الله وهناك حواري رسول الله وهناك حبيبه رسول الله، وهناك أمين الأمة وهناك راوية الإسلام، وهناك كاتب الوحي ، وهناك صاحب النعلين، وحجام الرسول وسيف الله المسلول، وغير ذلك.
وكلها في الحقيقة لا تسمن ولا تغني من جوع في ميزان الحق عند الله إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إنما الذي ينفع عند الله ويضر هو الإعمال.