وعبد الرحمان بن عوف هو صهر عثمان بن عفان لأنه تزوج أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وهي أخت عثمان لأمه.
وقد عرفنا من خلال كتب التاريخ أنه لعب دورا كبيرا لإبعاد علي عن الخلافة بشرطه الذي اشترطه عليه في تحكيم سنة الخليفتين أبي بكر وعمر، لعلمه مسبقا بأن عليا لا يقبل بذلك الشرط أبدا لأن سنتهما مخالفة للكتاب والسنة النبوية.
وهذا وحده يكفينا دليلا على تعصب عبد الرحمان للبدع الجاهلية وبعده عن السنة المحمدية ومشاركته الفعالة في المؤامرة الكبرى للقضاء على العترة الطاهرة وإبقاء الخلافة في حوزة قريش تتحكم فيها كيف شاءت.
أخرج البخاري في صحيحه من كتاب الأحكام، باب كيف يبايع الإمام الناس، قال المسور: طرقني عبد الرحمان بعد هجيع من الليل فضرب الباب حتى استيقظت، فقال:
أراك نائما فوالله ما اكتحلت هذه الليلة بكبير نوم، انطلق فادع الزبير وسعدا فدعوتهما له فشاورهما ثم دعاني فقال: أدع لي عليا فدعوته فناجاه حتى ابهار الليل ثم قام علي من عنده وهو على مطمع، وقد كان عبد الرحمان يخشى من علي شيئا. ثم قال : أدع لي عثمان فدعوته فناجاه حتى فرق بينهما المؤذن بالصبح.
فلما صلى للناس من الصبح واجتمع أولئك الرهط عند المنبر فأرسل إلى من كان حاضرا من المهاجرين والأنصار، وأرسل إلى أمراء الأجناد وكانوا وافوا تلك الحجة مع عمر، فلما اجتمعوا تشهد عبد الرحمان ثم قال: أما بعد يا علي إني قد نظرت في أمر الناس فلم أرهم يعدلون بعثمان، فلا تجعل على نفسك سبلا، ثم قال مخاطبا لعثمان:
أبايعك على سنة الله ورسوله والخليفتين من بعده، فبايعه عبد الرحمان وبايعه الناس المهاجرون والأنصار وأمراء الأجناد والمسلمون (1).
والباحث يفهم من هذه الرواية التي أخرجها البخاري بأن المؤامرة قد دبرت بليل، ويفهم أيضا الدهاء الذي يتمتع به عبد الرحمان بن عوف وأن اختيار عمر له لم يكن عفويا.