كل ذلك من بركات كيسه، فلا تنس ولا تتعجب فإنك ترى اليوم نفس المسرحيات تتكرر والتاريخ يعيد نفسه فكم من معدم جاهل تقرب إلى الحاكم وانخرط في الحزب فأصبح سيدا مهابا يقيم الدنيا ويقعدها، يصول ويجول وتحت تصرفه الأموال التي لا تخضع للحساب والسيارات التي لا تخضع للرقابة والمأكولات التي لا تباع في الأسواق ومع كل ذلك فهو لا يحسن الكلام حتى بلغته ولا يفهم من معاني الحياة غير بطنه وفرجه غاية ما هنالك أن له كيسا مثل كيس أبي هريرة مع وجود الفارق طبعا، ولكن الهدف واحد هو إرضاء الحاكم والترويج له لدعم ملكه وتثبيت عرشه والقضاء على أعدائه.
وقد كان أبو هريرة يحب الأمويين ويحبونه من زمن عثمان بن عفان زعيمهم، فكان رأيه في عثمان مخالف لكل الصحابة من المهاجرين والأنصار، فهو يكفر الصحابة الذين شاركوا في قتل عثمان وألبوا عليه.
ولا شك بأنه كان يتهم علي بن أبي طالب بقتل عثمان، ونفهم ذلك من حينه في مسجد الكوفة وقوله بأن عليا أجدث في المدينة ويلعنه على لسان النبي والملائكة والناس أجمعين.
ولذلك ينقل ابن سعد في طبقاته أنه لما مات أبو هريرة سنة 59 كان ولد عثمان بن عفان يحملون سريره حتى بلغوا البقيع حفظا بما كان من رأيه في عثمان (1).
وإن لله في خلقه شؤونا، إذ يموت عثمان بن عفان سيد قريش وعظيمها مقتولا ويذبح بذبح النعاج وهو خليفة المسلمين الذي لقبوه بذي النورين والذي تستحي منه الملائكة كما يزعمون، ولا يغسل ولا يكفن ويعطل دفنه ثلاثة أيام ثم يدفن في مقرة اليهود.
ويموت أبو هريرة الدوسي في العز والجاه وقد كان معدما ولا يعرف أحد قومه ولا عشيرته وليس له في قريش قرابة، فيحمله أولاد الخليفة الذين أصبحوا في عهد معاوية ولاة الأمور ويدفنونه في بقيع رسول الله!
وهلم بنا الآن إلى أبي هريرة لنعرف موقفه من السنة النبوية.