نعم هذا جزاء عثمان من طلحة، بعدما أغناه غدر به من أجل الطمع في الخلافة وألب عليه الناس، وكان من أشد المحرضين عليه حتى منعه من شرب الماء أيام الحصار.
قال ابن أبي الحديد بأن عثمان يقول أيام الحصار.
ويلي على ابن الحضرمية يعني طلحة أعطيته كذا وكذا بهارا ذهبا وهو يروم دمي ويحرض على نفسي، اللهم لا تمنعه به ولقه عواقب بغيه.
نعم هذا طلحة الذي انحاز لعثمان واختاره للخلافة من أجل إبعادها عن علي، ولأن عثمان أعطاه الذهب والفضة وها هو اليوم يؤلب عليه ويأمر الناس يقتله ويمنع دخول الماء إليه، وعندما يأتون بجثته يمنع من دفنه في مقابر المسلمين فيدفن في حش كوكب كانت اليهود تدفن فيه موتاهم (1).
ثم بعد ذلك نرى طلحة أول من يبايع الإمام عليا بعد مقتل عثمان، ثم ينكث بيعته ويلتحق بعائشة ابنة عمه في مكة، وينقلب فجأة للمطالبة بدم عثمان، سبحان الله! هل يوجد بهتان أكبر من هذا؟!
بعض المؤرخين يعلل ذلك بأن عليا رفض أن يوليه على الكوفة وما وراءها، فنكث البيعة وخرج محاربا للإمام الذي بايعه بالأمس.
إنها نفسية من غرق في الدنيا إلى أم رأسه، وباع آخرته ولم يعد يشغله غير المنصب والجاه والمال.
يقول طه حسين:
فكان طلحة إذن يمثل نوعا خاصا من المعارضة، رضي ما أتاح الرضا له الثراء والمكانة، فلما طمع في أكثر من ذلك عارض حتى أهلك وهلك (2).
هذا هو طلحة الذي بايع بالأمس الإمام عليا يخرج بعد أيام قليلة يجر حرم رسول الله عائشة إلى البصرة فيقتل الأبرياء وينهب الأموال ويثير الرعب في