لا شك بأن طلحة هو أحد الصحابة الذين حضروا بيعة الغدير وسمعوا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: من كنت مولاه فهذا علي مولاه.
ولا شك بأنه سمع رسول الله يقول: علي مع الحق والحق مع علي وحضر يوم خيبر عندما أعطاه الراية وقال بأنه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، ويعرف أيضا بأن عليا هو للنبي بمنزلة هارون من موسى، ويعرف الكثير والكثير.
ولكن الحقد الدفين والحسد ملأ قلبه فلم يعد يرى إلا التعصب لقبيلته والانحياز إلى ابنة عمه عائشة بنت أبي بكر التي كان يطمع في الزواج منها بعد النبي ولكن القرآن حال دون ذلك.
نعم لقد انضم طلحة إلى عثمان وبايعه بالخلافة لأنه كان يعطيه الصلات والهبات، ولما اعتلى عثمان منصة الخلافة أغدق على طلحة من أموال المسلمين بدون حساب (1)، فكثرت أمواله ومواشيه وعبيده حتى بلغت غلته من العراق وحده كل يوم ألف دينار.
يقول ابن سعد في طبقاته: لما مات طلحة كانت تركته ثلاثين مليونا من الدراهم ، كان النقد منها مليونين ومائتي ألف درهم ومائتي ألف دينار، وكان سائرها عروضا وعقارا (2).
لكل ذلك طغى طلحة وتجبر وبدأ يؤلب على صديقه الحميم عثمان ليطيح به ويأخذ مكانه.
ولعل عائشة أم المؤمنين أطمعته في الخلافة ومنته بها لأنها هي الأخرى عملت على أسقاط عثمان بكل جهودها، وكانت لا تشك في أن الخلافة ستؤول إلى ابن عمها طلحة، ولما بلغها مقتل عثمان وأن الناس قد بايعوا طلحة فرحت فرحا شديدا وقالت: بعدا لنعثل وسحقا، إيه ذا الإصبع إيه أبا شبل، إيه ابن عم لله أبوك أما إنهم وجدوا طلحة لها كفؤا.