الصواب والحق إن شاء الله، وإنما العلم علم أهل المدينة، وأنت أعلمهم (1).
يقول ابن قتيبة لما ولي أبو جعفر المنصور الخلافة جمع مالك بن أنس وابن أبي ذؤيب وابن سمعان في مجلس واحد وسألهم: أي الرجال أنا عندكم؟ أمن أئمة العدل أم من أئمة الجور؟
قال مالك، فقلت: يا أمير المؤمنين أنا متوسل إليك بالله تعالى وأتشفع إليك بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وقرابتك منه، إلا ما أعفيتني من الكلام في هذا.
قال: قد أعفاك أمير المؤمنين.
أما ابن سمعان فقال له: أنت والله خير الرجال يا أمير المؤمنين، تحج بيت الله الحرام، وتجاهد العدو، وتؤمن السبل، ويأمن الضعيف بك أن يأكله القوي، وبك قوام الدين، فأنت خير الرجال وأعدل الأئمة.
أما ابن أبي ذؤيب فقال له: أنت والله عندي شر الرجال استأثرت بمال الله ورسوله، وسهم ذوي القربى واليتامى والمساكين، وأهلكت الضعيف، وأتعبت القوي، وأمسكت أموالهم، فما حجتك غدا بين يدي الله؟
فقال له أبو جعفر: ويحك ما تقول؟ أتعقل؟ أنظر ما أمامك؟
قال: نعم قد رأيت أسيافا، وإنما هو الموت، ولا بد منه عاجله خير من آجله.
وبعد هذه المحاورة طرد المنصور ابن أبي ذؤاب وابن سمعان، واختل بمالك وحده وأمنه وقال له:
يا أبا عبد الله انصرف إلى مصرك راشدا مهديا، وإن أحببت ما عندنا، فنحن لا نؤثر عليك أحدا ولا تعدل بك مخلوقا.
قال: ثم بعث أبو جعفر المنصور من الغد لكل واحد منهم صرة فيها خمسة آلاف دينار مع أحد شرطته وقال له: