ومما سبق نفهم بأن الإمام مالكا كان من النواصب، إذ أنه لم يكن يعترف بخلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أبدا وقد أثبتنا في ما تقدم بأنهم أنكروا على أحمد بن حنبل الذي ربع الخلافة بعلي وأوجب له ما يجب للخلفاء قبله، وغني عن البيان بأن مالكا هلك قبل مولد ابن حنبل بكثير.
أضف إلى ذلك أن مالكا اعتمد في نقل الحديث على عبد الله بن عمر الناصبي الذي كان يحدث بأنهم لا يعدلون في زمن النبي بأبي بكر أحدا ثم عمره، ثم عثمان، ثم الناس بعد ذلك سواسية.
وعبد الله بن عمر هو أشهر رجال مالك وأغلب أحاديث الموطأ تعود إليه وكذلك فقه مالك.
* خامسا: نلاحظ بأن السياسة التي قامت على الظلم والجور تريد أن تتقرب إلى الناس بما يرضيهم من الفتاوى التي ألفوها ولا تكلفهم الالتزام بالنصوص القرآنية أو النبوية.
فقد جاء في كلام المنصور لمالك قوله: ضع هذا العلم ودون منه كتبا وتجنب شدائد عبد الله بن عمر ورخص ابن عباس وشواذ ابن مسعود، واقصد إلى أواسط الأمور وما اجتمع عليه الأئمة والصحابة لنحمل الناس على علمك وكتبك.
ومن هذا يتبين لنا بوضوح بأن مذهب أهل السنة والجماعة هو خليط من شدائد ابن عمر ورخص ابن عباس وشواذ ابن مسعود وما استحسنه مالك من أواسط الأمور التي كان عليها الأئمة والمقصود بهم أبو بكر وعمر وعثمان وما اجتمع عليه الصحابة الذين رضي عنهم الخليفة أبو جعفر المنصور.
وليس فيه شئ من سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي تروى عن الأئمة الطاهرين من عترته، والذين عاصر المنصور ومالك البعض منهم، وعمل الخليفة على عزلهم وخنق أنفاسهم.
* سادسا: يلاحظ أن أول كتاب كتب في تدوين السنة من أحاديث الصحابة والتابعين هو كتاب الموطأ للإمام مالك، وكان يطلب من السلطة