تدفع لكل رجل منهم صرة، أما مالك بن أنس إن أخذها فبسبيله، وإن ردها فلا جناح عليه فيما فعل.
وأما ابن أبي ذؤيب فائتني برأسه إن أخذها، وإن ردها عليك، فبسبيله لا جناح عليه.
وإن يكن ابن سمعان ردها فأنت برأسه، وإن أخذها فهي عافيته.
قال مالك: فنهض بها إلى القوم، فأما ابن سمعان فأخذها فسلم، وأما ابن أبي ذؤيب فردها فسلم، وأما أنا فكنت والله محتاجا إليها فأخذتها (1).
ونلاحظ من هذه القصة بأن مالكا يعرف جور الخليفة وظلمه، ولكنه وللعلاقة الودية التي كانت بينه وبين المنصور فقد ناشده بمحمد وقرابته منه.
وهذا ما كان يعجب الحكام العباسيين ويهمهم في ذلك العصر، وهو أن يعظمهم الناس ويمجدونهم بقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولذلك فهم الخليفة قصد مالك فأعجبه ذلك وأعفاه من الكلام.
أما الثاني وهو ابن سمعان فقد أطراه بما ليس فيه مخافة القتل إذ كان السياف واقفا ينتظر إشارة الخليفة.
أما الثالث وهو ابن أبي ذؤيب فكان شجاعا، لا يخشى في الله لومة لائم وكان مؤمنا مخلصا وصادقا ناصحا لله ولرسوله ولعامة المسلمين، فجابهه بحقيقة أمره وكشف عن زيفه ومغالطته، وعندما هدده بالقتل رحب به ولم يخف منه.
ولذلك نرى أن الخليفة امتحن الرجلين بالأموال الطائلة، وأعفى الإمام مالكا من ذلك الامتحان، فهو سالم في الحالتين إن أخذها أو ردها.
أما ابن أبي ذؤيب فيقطع رأسه إن أخذها وكذلك ابن سمعان بقطع رأسه إن ردها.
ولما كان أبو جعفر المنصور داهية عظمى تراه عمل على رفع مكانة مالك