زوجها، فلم يقدر له أن يرى طفله المنتظر، وأتمت امرأة عمران أشهر الحمل، وولدت بنتا أسمتها مريم، ولذلك خاب أملها في النذر الذي نذرته، فقد كانت تحسب أن البنت لا تفي بالنذر، ولا تستطيع أن تقوم بالخدمة، ولكنها بناء على رأي سدنة الهيكل نفذت نذرها، ووضعت طفلتها في الهيكل المقدس لخدمته وللعبادة فيه، وقد تنازع سدنة البيت أيهم يكفل مريم الصغيرة، فاقترعوا فيما بينهم فخرجت القرعة لزكريا، فكفلها وعنى بها، وكان زوج خالتها، ولم يكن له في ذلك الوقت أولاد كما قلنا من قبل، فوجد راحة كبيرة في الإشراف على هذه الصغيرة الناسكة، وقد رأى زكريا صورا حار لها تتعلق بهذه الفتاة، هي هذه الأرزاق التي تأتيها، وفاكهة الصيف التي يجدها عندها في الشتاء، وفاكهة الشتاء التي يجدها في الصيف، وراقبها زكريا فما وجد أحدا يدخل عليها، ولا وجدها تخرج من حجرتها، ولذلك سألها كما مر: (أنى لك هذا؟ قالت هو من عند الله). وقد وردت هذه القصة في الآيات الكريمة:
(إذ قالت امرأة عمران: رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم، فلما وضعتها قالت: رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت، وليس الذكر كالأنثى، وإني سميتها مريم، وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم، فتقبلها ربها بقبول حسن، وأنبتها نباتا حسنا، وكفلها زكريا، كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا، قال: يا مريم أنى لك هذا؟ قالت: هو من عند الله، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب......
ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك، وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم، وما كنت لديهم إذ يختصمون) (1).