(ب) الله لا يخلص أحدا من هؤلاء المذنبين من النار الأبدية المستحقة عليهم، بدون شفيع.
(ج) والشفيع لا بد أن يكون إلها تاما وبشرا تاما.
ويدخل هذا الكاتب في نقاش طويل مع المسيحيين بسبب هذه الأوامر، فهم يرون أن الشفيع لا بد أن يكون مطهرا من خطيئة آدم، ويرون أنه لذلك ولد عيسى من غير أب لينجو من انحدار الخطيئة إليه من أبيه، ويسألهم الكاتب: ألم يأخذ عيسى نصيبا من الخطيئة عن طريق أمه مريم؟.
ويجيب هؤلاء بأن الله طهر مريم من الخطيئة قبل أن يدخل الله الابن رحمها. ويعود الكاتب فيسأل: إذا كان الله يستطيع هكذا في سهولة ويسر أن يطهر بعض خلقه، فلماذا لم يطهر خلقه من الخطيئة كذلك بمثل هذه السهولة وذلك اليسر؟ بدون إنزال ابنه وبدون تمثيلية الولادة والصلب (1)؟
ونضيف إلى نقاش عبد الأحد داود أن قولهم بضرورة أن يكون الشفيع مطهرا من خطيئة آدم، مما استلزم أن يولد عيسى من غير أب، وأن يطهر الله مريم قبل دخول عيسى رحمها، هذا القول يحتاج إلى طريق طويل معقد، وكان أيسر منه أن ينزل ابن الله مباشرة في مظهر الإنسان دون أن يمر بدخول الرحم والولادة، ونضيف كذلك أن اتجاه المسيحيين هذا يتعارض مع اتجاه مسيحي آخر سبق أن أشرنا إليه، وهو أن ابن الله دخل رحم مريم ليأخذ مظهر الإنسان وليحتمل في الظاهر بعض خطيئة آدم الذي يبدو ابن الله كأنه ولد من أولاده، ثم يصلب ابن الله تكفيرا عن خطيئة البشر الذي أصبح كواحد منهم. ويبقى في هذا الموضوع أن نسأل سؤالا أخيرا هو: هل كان الأنبياء جميعا مدنسين خطاة بسبب خطيئة أبيهم آدم؟ وهل كان الله غاضبا عليهم أيضا؟
وكيف اختارهم مع ذلك لهداية البشر؟