مما لا ريب فيه أن المسيح كان باستطاعته أن يفتدي البشر ويصالحهم مع أبيه بكلمة واحدة، أو بفعل سجود بسيط يؤديه باسم البشرية جمعاء لأبيه السماوي، لكنه أبى إلا أن يتألم، ليس لأنه مريض يتعشق الألم، ولا لأن أباه ظالم يطرب لمرأى الدماء، وأية دماء، دماء ابنه الوحيد، وما كان الله بسفاح ظلوم، لكن الله الابن شاء مع الله الأب أن يعطي الناس أمثولة خالدة من المحبة، تبقى على الدهر، وتحركهم على الندامة على ما اقترفوه من آثام وتحملهم على مبادلة الله المحبة.
ومرة أخرى نصرخ في وجه هذا المؤلف مؤكدين أنه صور الداء أدق تصوير عندما تكلم عن الدماء والقسوة، ولكنه عندما بدأ يجيب ويصف الدواء تعثر وكبا، ولم يقل إلا عبارات جوفاء لا تحمل أي معنى.
8 - ونعود إلى القس بولس سباط لنسأل كما سأل: إذا كان الكلمة قد تجسد لمحو الخطيئة الأصلية فما العمل في الخطايا التي تحدث بعد ذلك؟ ويجيب هذا الكاتب بما يلي بالحرف الواحد: إذا عاد الناس إلى اجتراح الخطايا فالذنب ذنبهم، لأنهم آنسوا النور وعشوا عنه مؤثرين الظلمة بإرادتهم (1)، ومعنى ذلك أن خطيئة واحدة محيت وأن ملايين الخطايا سواها بقيت وجدت بعد ذلك وسيحاسب الناس على ما اقترفوه، وبعض ما اقترفوه أقسى من عصيان آدم، لقد أنكر بعض الناس وجود الله، وهاجمه آخرون وسخروا بجنته وناره، فلماذا كانت مظاهرة التجسد لخطيئة واحدة وتركت خطايا لا تعد؟
9 - أين كان عدل الله ورحمته منذ حادثة آدم حتى صلب المسيح؟
ومعنى هذا أن الله ظل (تعالى عن ذلك) حائرا بين العدل والرحمة آلاف السنين حتى قبل المسيح منذ حوالي ألفي عام أن يصلب للتكفير عن خطيئة آدم.