وعيسى بصدق تعاليمه وسماحتها، وبحياته التي هي مثال راق، يجذب الناس إليه ويوقظ ثقتهم بأنفسهم، ويكرر لهم التوبة فيضمن لهم عفو الله، وهذا يبدأ بقبول عيسى النزول إلى الأرض والحياة بين البشر، ولكنه يصل القمة بأن يقدم نفسه فدية لذنوب الناس، وتقديم عيسى نفسه فدية هكذا درجة عليا في الوساطة بين الله والناس.
ويقول كاتب مسيحي آخر: إن خطيئة آدم عصيان ضد الله وشرود عن الصلة به، ومعصية ضد قداسته تعالى، وأعلن لنا يسوع وهو على الصليب أن الله قد تنازل ليجدد الصلة التي قطعت خطيئتنا أواصرها ويتخطى الشقة التي أحدثها بيننا وبينه اعواجاجنا وزيغنا (1).
ويعيد الأب بولس إلياس الخوري الحق إلى نصابه حينما يعلن في جراءة أن بولس هو مبتدع هذه الفكرة، وقد حمل هو وتلميذه الحبيب لوقا لواء الدعاية لها، وفيما يلي كلمات هذا الباحث المسيحي:
ومما لا ريب فيه أن الفكرة الأساسية التي ملكت على بولس مشاعره فعبر عنها في رسائله بأساليب مختلفة هي فكرة رفق الله بالبشر، وهذا الرفق بهم هو ما حمله على إقالتهم من عثارهم، فأرسل إليهم ابنه الوحيد ليفتديهم على الصليب، وينتقل بهم من عهد الناموس الموسوي إلى عهد النعمة، وهذه الفكرة عينها هي التي هيمنت على إنجيل لوقا (2).
وتصور بعض الأناجيل عملية التعذيب التي مر بها عيسى قبل صلبه تصويرا لاذعا مثيرا، فقد جاء في إنجيل متي بعد أن وصف القبض على عيسى وتسليمه إلى الوالي بيلاطس ما يلي:
فقال الوالي للشعب: ماذا أفعل بيسوع الذي يدعي المسيح؟ قال له الجميع: ليصلب، فقال الوالي: وأي شر عمل؟ فكانوا يزدادون