لإرضاء حواسه، فحياته كلها إثم. ليس لأحد أن يسخر غيره لإشباع ميوله.
وإنما الطريق إلى الله أن تكون الأعمال خالصة له ولنفع خلقه.
" اعلم أن أشد أعداء الإنسان، اثنتان: الشهوة والغضب. وهما اللذان يدفعانه إلى الذنوب، وكما يغطي الدخان النار، ويكدر الغبار صفاء المرآة، كذلك الشهوة والغضب يغطيان عقل الإنسان، فعلى الإنسان أن يقتل هذين العدوين.
" لا شئ يطهر الإنسان أكثر من هذا العرفان، والعارف يدرك بالتدريج أن الله معه وفيه، وأكبر ما يحتاج إليه الإنسان في سلوكه إلى الكمال، هو الإيمان وقهر النفس ".
وسأل أرجنا مرة أخرى: " ما الأفضل للإنسان: التجرد من الدنيا ومراقبة النفس، أو تطهير النفس مع التعلق بأمور الدنيا؟ ".
فأجابه كرشنا قائلا:
" إن الذين يفرقون بين الطريقتين، أطفال لا يعقلون، أما العالم العاقل، فلا يفرق بينهما، والإنسان يصل إلى الكمال بأي طريق سلكه إن قام بشروطه حق الفيام. والذي يرى الطريقين سبيلا إلى المقصود فهو المصيب.
" والناسك الحق هو الذي لا يبغض أحدا، ولا يشتهي شيئا، ولا يرى غير الله شيئا، إنه يجري وراء واجبه دائما، طهر قلبه وتغلب على حواسه، فنفسه في قبضة يده، لا تنازعه ولا تحيد به عن الصواب، وهو يرى جميع الأرواح كروحه، ولا يفرق بينها، ولا يقصد بعمله إلا وجهه تعالى وحده.
" والذي يقوم بواجبه كما قلت، يبزغ نور العرفان في داخله كما تبزغ الشمس في السماء، فيرى ربه بعين قلبه، ويسعد بالنجاة بعد أن تذهب ذنوبه وتحل محلها الحسمات.