الآراء والابتكارات، وكان الناس حيارى مشرفين على القبول والمعاضدة...
عقائدهم متضاربة، وأفكارهم متباينة، فشت فيهم رهبانية، وسرت فيهم باطنية، قامت حلقات الفكر في كل نواحي القطر يتزعمها العرفاء والعلماء، ونشأت دراسات أخلاقية قصدها العامة والخاصة، قد عمت الرياضيات الشاقة المتعبة في سبيل حصول السيطرة على القوى الكونية، وراج التبتل في الكهوف للمراقبات النفسية، والانقطاع في الغابات لإتعاب الأبدان لترقى القوى الروحانية (1).
وعلى هذا اشتهرت الهند بكثرة الأديان والمعتقدات التي تضارع في كثرتها لغات الهند أو تقرب منها، وكانت الهندوسية أشهر هذه الأديان وأوسعها انتشارا، بل إنها الدين العام الذي حوى غالبية الهنود أو كلهم، وإذا تمردوا عليه أحيانا أو تمرد بعضهم عاد المتمردون بعد وقت قصير أو طويل إلى رحابه، وقد وضح كتاب Hinduism السبب في ذلك بقوله: إنه لمن الصعب أن يطلق على الهندوسية دينا بالمعنى الشائع، فالهندوسية أشمل وأعمق من الدين، إنها صفة لملامح المجتمع الهندي، بنظامه الطبقي ومكان كل طبقة فيه، إنها الحياة الهندية بأسلوبها الخاص الذي يعتبر في ذاته شعيرة من الشعائر، أنها خليط يشمل الأمور المقدسة والأمور الدنيوية جميعا، إذ لا يوجد في الفكر الهندي حد فاصل بين الاثنين، إنها الاتجاهات الروحية والخلقية والقانونية. وهي إلى جانب ذلك مبادئ وقيود وعادات توجه الحياة الهندية وتسيطر عليها (2).
والويدا - كتاب الهندوس المقدس - يشمل مبادئ الفكر الهندي في أكثر مراحله.