3 - الانطلاق:
سبق أن تكلمنا عن اكتمال الميول، ونريد هنا أن نزيد هذا الموضوع وضوحا، فنقرر أن معنى اكتمال الميول والشهوات هو توقفها وتغلب الإنسان على نفسه بحيث لا يبقى له شهوة ولا ميلا، بل يقنع بما حصل عليه ولا يتطلب مزيدا، فإذا تم ذلك مع انقطاع عن الأعمال وعن علائق الدنيا وما فيها من ملاذ وعصيان تلك التي تستلزم تكرار المولد، إذا تم له ذلك نجا من تكرار المولد، وامتزج ببرهما، وهذه الحالة هي التي يعبرون عنها بالانطلاق، فالانطلاق هو الامتزاج ببرهما كما تندمج قطرة من ماء بالمحيط العظيم، وهدف الحياة الأسمى هو الانطلاق من دورات الوجود المتوالية والاندماج في الكائن الأسمى، وهذا الانطلاق لا يكتسب بالأعمال لأن الأعمال الصالحة يجازى عليها الإنسان عن طريق الميلاد المتكرر كالأعمال الشريرة تماما (1).
وقد ورد في " أرنيك " ما يلي: من لم يرغب في شئ ولن يرغب، وتحرر من رق الأهواء، واطمأنت نفسه في نفسه، فإنه لا يعاد إلى حواسه، ويتحد بالبرهما فيصير هو، ويصبح الفاني باقيا.
ويؤخذ على هذا المبدأ أنه جعل التصوف والزهد والسلبية أفضل من صالح الأعمال، فهي الطريق للاتحاد بالله، أما صالح الأعمال فتنتج دورة جديدة في الحياة تثاب فيها الروح على ما قدمت من خير في الدورة السابقة.
4 - وحدة الوجود:
هذا المبدأ وثيق الصلة بالمبادئ السابقة، بل يمكن القول إن هذه المبادئ كلها وثيقة الصلة بعضها ببعض، وقد سبق - عند الحديث عن