" أما أنت، فكن فوق القشور الويدية. لا تقلقك أفكار الراحة أو التعب، النجاح أو الخيبة، بل كن مطمئنا منشرحا في روحك، والعاقل الذي وصل إلى الحقيقة، ليست الكتب الويدية له إلا كبئر في مكان ذي أنهار، فعليك أن تقوم بواجبك، لأنه واجب عليك، واجمع عقلك على هذه النقطة وحدها.. ".
سأل أرجنا: كيف للمرء أن يجمع عقله؟
فأجابه كرشنا قائلا:
" إن الذي تغلب على أهوائه النفسية، وملك حواسه كلها، فلا يخاف شيئا، ولا يطمع في شئ. ولا يحب أحدا ولا يكره أحدا، لهو الذي نال العقل وجمعه، إن الحواس تتبع ميولها، فعلى المرء أن يجذب إلى قبضته حواسه عن مشهياتها كما تجذب السلحفاة أطرابها إلى بطنها، أجل، إن النفس لضاغية جامحة، إلا أنه يجب السعي لضبطها وتحويلها إلى الله. فالذي لا علاقة له بشئ، ولا يخاف شيئا، ولا يطمع في شئ، وحواسه تحت أمره، فهو المطمئن حقا، وإن كان يقوم بأعمال الدنيا كغيره من الناس، إنما العمل الحقيقي، هو التحرر من سلطة النفس، فمن تحرر منها، فقد فاز بالطمأنينة الحقيقية، واهتدى إلى الله، وفاز بالنجاة ".
فقال أرجنا: " إن كانت النجاة لا سبيل إليها إلا بالتغلب على الحواس وقهر النفس، فلماذا نهتم بأمور الناس؟ ".
فأجابه كرشنا قائلا:
" إن الذي يتجرد من الدنيا بترك واجبه، لا يصل إلى الكمال أبدا، والأعمال التي تأسر الإنسان، هي التي يقوم بها لإرضاء نفسه.
لا لأجل المصلحة العامة. فعلى المرء أن يجعل سائر أعماله خالية، منزهة من أهواء النفس. وما عاشت هذه الدنيا إلا بمثل هذه الأعمال النبيلة النزيهة، والذي يطبخ الطعام ليأكله وحده، لآثم، وإذا أكل فلا يأكل إلا إثمه. والذي لا يهتم بمصلحة غيره فهو سارق. والذي يحيا