2 - الله في التفكير الهندوسي يوجد في التفكير الهندوسي فيما يختص بالإله نزهتان مختلفتان تمام الاختلاف، وهما نزعة الوحدانية ونزهة التعدد، وإن كانت نزعة التعدد أقوى وأكثر انتشارا.
وقد بلغ التعدد عند الهنود مبلغا كبيرا، فقد كان عندهم كما سبق القول لكل قوة طبيعية تنفعهم أو تضرهم إله يعدونه ويستنصرون به في الشدائد كالماء والنار والأنهار والجبال وغيرها، وكانوا يدعون تلك الآلهة لتبارك لهم في ذريتهم وأموالهم من المواشي والغلات والثمار وتنصرهم على أعدائهم (1).
ولم يصل الهندوس إلى عبادة هذه الظواهر دفعة واحدة، وإنما مروا بمراحل انتهت بهم إلى عبادتها. ويصور الأستاذ محمد عبد السلام مراحل هذا الانتقال بقوله. وكانت المظاهر الكونية الجميلة والمناظر العظيمة باعثة لإيقاظ الشعور الديني فيهم، فأعجبوا بهذه المظاهر واستمتعوا بها، وشكروا لها وامتنوا، وأثنوا عليها، ثم ظنوا أن لهذه المظاهر أرواحا ونفوسا كما أن لهم هم أرواحا ونفوسا، واعتبروا هذه الأرواح قوى كامنة وراء المظاهر وبيدها أن تمنحهم هذه المظاهر التي أعجبتهم أو تحجبها عنهم، فتقربوا إليها بالعبادة والقرابين واعتبروها آلهة. ودعوها عند الحاجات (2).
وعلى هذا كثرت الآلهة عندهم كثرة زائدة، ولكنهم في وسط هذا التعدد كانوا يميلون أحيانا للتوحيد أو اتجاه قريب منه، فقد كانوا إذا دعوا إلها من آلهتهم أو أثنوا عليه أو تقربوا إليه بقربان، أقبلوا عليه بكل عواطفهم وجل ميولهم حتى يغيب عن أعينهم سائر الآلهة