ولعدم تعارضها مع آلهة الهندوس، وعلى هذا كان كثير من الهنود يتبعون البوذية في أخلاقها ويظلون مع ذلك على ولائهم لآلهة الهندوس، ومن هنا بدأت البوذية تختلط في مظاهرها بالهندوسية، وبدأ البوذيون الذين يقوم مذهبهم على عدم الاعتراف بالإله يعترفون بالآلهة الهندوكية ويتقربون إليها، لذلك لم تكن مظاهر البوذية خالصة لها، بل كانت خليطا منها ومن الهندوسية، ومن هنا أخذت البوذية تتلاشى من الهند شيئا فشيئا. ويندمج أتباعها في تقاليد الهندوسية وطقوسها وآلهتها، ووضع البوذيون - الذين قالوا بأن بوذا كائن إلهي - تمثال بوذا بين آلهة الهندوس، ولم يعارض الهندوس لأن العقل الهندي - كما قلنا من قبل - لا يضيره أن ينضم إله جديد إلى ما يعترف به من آلهة، وبمرور الزمن ذاب تمثال بوذا بين الآلهة الكثيرة وذاب أتباع البوذية بين الهندوس، فلم يعد للبوذية شأن في شبه القارة الهندية (1)، وبجوار تمثال بوذا انتعش آلهة آخرون في البلدان الأخرى التي دخلتها البوذية، فظهر في اليابان تمثال الإله شنتو Shinto وفى الصين ظهر تمثال الإله تاوسيم Tao sim (2).
البوذية وفلسفة اليوجا وذوبان بوذا في آلهة الهندوس ليس إلا عودا إلى تفكير الجنانا يوجا الذي يرى في كل الديانات وفي كل الفلسفات حقا، ولكن هذا الحق ليس سوى ذرة من الحق الأعظم الكامل، فهذا المذهب لا يعترض على دين أو فلسفة، ويرى أن أي دين أو فلسفة ليس هو كل شئ وليس هو كل الحق، و معتنق هذا التفكير لا ينتمي إلى دين أو مذهب لأنه يرى أتباع كل الديانات المختلفة إخوة له مهما اختلفوا، فجنانا يوجا مذهب يتسع لمعتقدات الجميع، ويأبى أن يتقيد بقيود أي منها (3)