القرن السادس قبل الميلاد:
يعتبر القرن السادس قبل الميلادي من أجدر عصور التاريخ بالملاحظة، ففي كل مكان به كانت عقول الناس تظهر جرأة جديدة، وفي كل مكان كان الناس يستيقظون مما ران عليهم من تقاليد الأباطرة والكهان والقرابين، ويسألون أشد الأسئلة تعمقا ونفاذا، وكأنما الجنس البشري قد بلغ مرحلة الرشد بعد طفولة دامت عشرين ألف سنة. فن هذا القرن ظهر بالهند مهاويرا معلم الجينية، وظهر غوتاما مؤسس البوذية، وظهر بالصين كونفوشيوس المربي العظيم، وفي إيران ظهر زرادشت، وبين بني إسرائيل قام أشعيا وغيره من المعلمين، وفي بلاد الإغريق ارتفع صوت فيثاغورس، وفي مدينة إفيسس تجلى هيراقليتوس يواصل تأملاته وأبحاثه الفكرية في طبيعة الأشياء، وهكذا هبت موجة فكرية تجاوبت أصداؤها في كل مكان (1).
النشاط الفكري بالهند:
ومن بين ألوان النشاط الفكري التي انبثقت في القرن السادس كان - كما قلنا - ظهور مهاويرا وبوذا بالهند - ويلاحظ على أفكار هذين المعلمين، بل على أفكار جميع المصلحين والفلاسفة الهنود أنها دارت في الفلك الهندي ولم تتجاوزه، فالجميع يرون أن الحياة الدنيا تعاسة، والعيش فيها ويل، والتغير والزوال أساس الحسرات وأصل الآلام، والجميع يقولون بتكرار المولد، وبالزهد وسيلة للنجاة... وإذا شذ أي مفكر هندي عن هذا الإطار ضاع صوته دون غناء، ويقول الفيلسوف