ودفعته حياة أسرته إلى الزواج، فتزوج بفتاة اسمها " يسودا " وولدت له بنتا سميت " أنوجا " وظل مهاويرا طيلة حياة والديه يكبت إحساسه وشوقه للترهب ويعيش في الظاهر كما يعيش أبناء طائفته، وينطوي باطنه على رغبة في الزهد والصفاء، فلما توفي والداه أتيحت له الفرصة ليعلن ما أخفى، وكان أخوه الأمير قد تولى الإمارة، فطلب منه مهاويرا أن يأذن له في الرهبنة، ولكن الأمير خشي أن يظن الناس أن تصرف مهاويرا كان نتيجة لقسوة أخيه عليه أو تقصيره في مطالبه، فطلب الأمير من مهاويرا أن يؤجل ذلك عاما، فاستجاب له مهاويرا، وفي الموعد المحدد عقد اجتماع كبير تحت شجرة أشوكا اشترك فيه أفراد الأسرة وأهالي البلدة، وأعلن مهاويرا فيه رغبته في التخلي عن الملك والألقاب ومتاع الدنيا ليخلو للزهد والتبتل، وكان هذا مطلع حياته الروحية الصريحة، فخلع ملابسه الفاخرة، ونزع حليه، وحلق رأسه، وبدأ حياة جديدة وكانت سنه آنذاك ثلاثين عاما.
ترهب مهاويرا ودعوته:
صام مهاويرا يومين ونصف يوم، ونتف شعر جسمه، وبدأ يجوب البلاد حافيا وفي زي الزهاد والنساك، ولجأ إلى الزهد والجوع والتقشف، وغرق في التفكير، واهتم بالرياضة الصعبة القاسية والتأملات النفسية العميقة، وبعد ثلاثة عشر شهرا من ترهبه خلع ملابسه دون حياء، إذ كان قد قتل في نفسه عواطف الجوع والاحساس والحياء، وكان أحيانا يعتكف في المقابر، ولكن أكثر وقته كان يمضيه متجولا في طول البلاد وعرضها، وكان يغرق في المراقبة إلى حد لا يشعر فيه بالحزن أو السرور، لا بالألم أو الراحة، وكان يعيش على الصدقات الطفيفة التي تقدم إليه.