يكون من عمل مجموعة من الناس لا من نظم شخص واحد: وزمن تأليفه غير معروف أيضا وإن مال بعضهم إلى أنه ألف في القرن السادس الميلادي بسبب إشارات وردت فيه تشير إلى أحداث وقعت في هذا القرن، ولكن الذي نميل إليه أنه ألف في فترة زمنية طويلة، وأن هذه الإشارات ليست إلا للأجزاء التي ألفت في القرن السادس، وليست دليلا على تحديد وقت لتأليف الكتاب كله.
وموضوع الكتاب هو الفلسفة واللاهوت، ودراساته عميقة جدا، ويفترض الكتاب تلميذا اسمه " راما " تنتابه الشكوك والأوهام فيسأل أستاذا له عما يساوره، ويطلب بيانا لإيضاح ما غمض عليه، ويجيبه أستاذه شارحا موضحا، ولنبدأ بنقل هواجس التلميذ وانفعالاته، ثم نورد الرد عليها.
قال راما:
" لقد جربنا مرارا وتكرارا أنه لا يمكن أن تنتظر سعادة حقيقية دائمة من حياتنا هذه، لقد تيقنا ذلك ولا نرتاب فيه، ومع هذا يسوقنا الهوى إلى أن نأمل من هذه الحياة كل سعادة.
" إن اكتناز الثروة لا يجعلنا سعداء بل كثيرا ما يجرنا إلى الشقاء وليست الحياة إلا سحابة صيف تمر سريعا، أو كنور سراج فقد زيته، ومع هذا فرغبتنا فيها دائمة لا تشبع أبدا، ولا تقنع بما في اليد، وكلما زادت من شبعها ازداد جوعها وطموحها، وليس في العالم شر أكبر من الرغبة، إنها نجر حتى أعقل الناس إلى الفتنة.
" لا خير في الجسد لأنه محل العاهات، ووعاء لسائر الآلام، وهو سائر إلى الانحلال.
" اتصفت الطفولة بالضعف والتوقان، والعجز، وعدم القدرة على الكلام، والتجرد من العلم، والرغبة فيما لا ينال، والتقلب الفكري، وقلة الحيلة.