ويا ترى ماذا يجود علينا به ذلك الزمن الذي نسميه بالشباب؟ وهل الشباب إلا كومضة برق تختطف أبصارنا ثم لا تلبث أن تختفي؟ وتجئ بعدها الشيخوخة بآلامها القاسية.
" تتراءى النساء جميلات فاتنات لحين من الزمن فقط، وذلك أيضا للذين على أبصارهم غشاوة من الجهل، وإلا فالحقيقة التي لا مراء فيها أنه ليس في أجسادهن شائبة من الجمال، وإنما هو جهلنا الذي يخدعنا فيظهرهن لنا كأنهن جميلات.
" فيا ترى ما الفائدة من الحياة التي لا مناص فيها من الشيخوخة والموت؟
لا مفر لإنسان من الشيخوخة، إنها تصرع حتى الأبطال الذين لا يعرفون الهزيمة قط في ساحة الميدان، وتلحق حتى الذين يختفون خوفا منها في الكهوف، وما قيمة الجسد، والأفراح، والثروة، والجاه، والملك، إن كان محتما علينا أن نموت عاجلا أو آجلا وأن يقضي الموت على كل شئ؟
" إن جميع الروابط والعلاقات سلاسل من الأسر والعبودية، والمسرات كلها أمراض فتاكة، كل إنسان تخدعه نفسه ثم تسوقه إلى شراك الأهواء والرغبات، فيبتلى بمصيبة " تكرار الميلاد ".
قال راما لأستاذه بعد أن انتابته هذه الأفكار: أخبرني يا سيدي المرشد عن أحسن طريق للتحرر من آلام الحياة.
وبدأ الأستاذ يجيب فكان مما قال: " إن علة سائر الآلام والمصائب هي (تريسنا) Trisna أي الرغبة في المآرب الدنيوية، إن هذه الرغبة تلدغ صاحبها كالحية السامة الفتاكة، وتقطع كالسيف البتار، وتنفذ كالرمح الحاد، وتحرق كالنار، وتطحن كالرحى الثقيلة، ونحن نفتتن بالحياة لأننا نجهل فطرتنا الحقيقية وماهية الدنيا، فإذن الجهل هو علة العلل لسائر الآلام، إن منبع جميع الشرور هي قلة العلم، وأحسن دواء هو الوصول إلى