آسوكا وانتشار البوذية:
كان الإسكندر المقدوني قد استولى على السند في زحفه نحو الشرق، ولكنه لم يتقدم نحو نهر الكنج، ولم يسيطر على باقي الهند لأن المقدونيين رفضوا أن يسيروا معه في ذلك العالم المجهول، وألف المقدونيون مملكة صغيرة في هذا الركن من الهند، وفي سنة 321 ق. م تمكن الأمير شاندراجوبتا Chandragupta الذي ينحدر من الأسرة المورية أن يجمع حوله قبائل عديدة بمنطقة التلال، وأن يستولي على المملكة الإغريقية بالبنجاب، ويزيل عن الهند آخر آثار الحكم الإغريقي، وجاء ابنه بعده فبسط رقعة مملكته، فلما جاء حفيده آسوكا وجد نفسه حاكما على الأقاليم الممتدة من أفغانستان إلى مدراس، وسار آسوكا (214 - 227 ق م) في مطلع حياته سيرة أبيه وجده في محاولة التوسع عن طريق الحرب.
وبينما كان آسوكا في قمة انتصاراته الحربية، أحس باشمئزاز من هول الحروب وقسوتها، فتخلى عن الحروب، وكره النصر عن طريقها، وزهدت نفسه فيها تماما، وتبنى مذهب البوذية، ثم أعلن أن فتوحه ستكون منذ ذلك الحين في ميادين الدين، وتروي الأساطير أن هذا التحول كان بسبب ما ناله من حيرة، وبسبب تأنيب ضميره لقتله إخوته وعددهم تسعة وعشرون، أو حرقه زوجاته وجواريه وكن خمسمائة (1).
ودام حكم آسوكا ثمانية وعشرين عاما تعتبر أزهى فترة في تاريخ البشرية المضطرب، فقد قام في الهند بحركة عظيمة للخير والثراء، حفر الآبار، وزرع الأشجار، وأسس المستشفيات والحدائق العامة والبساتين التي تربى فيها الأعشاب الطبية، واهتم بأهالي الهند الأصليين، واتخذ العدة لتعليم النساء، وخصص هبات خيرية هائلة لهيئات التعليم