كل هذه الأسئلة تدفع الباحث إلى الاعتقاد أن غوتاما كان على الأقل في هذه الفترة أسير الفلسفة الهندوسية، قرأها، وعرف اتجاهاتها وتأثر بميولها إلى العزلة والزهد والانقطاع عن الناس لمن يفكر ولمن لا يفكر، فلما رأى غوتاما منظر المرض والشيخوخة وجثة الميت ضعف دافع المقاومة في نفسه، ورجح عنده الميل إلى سلوك نفس الطريق الذي سلكه الهندوس من قبل.
غوتاما في تقشفه:
لجأ غوتاما إلى العزلة والتقشف، وخلع ثيابه، واكتفى برقاع أو أوراق شجر يستر بها عورته، وألقى بجسمه بين الأشواك، والحصا، وأهمل الطعام والشراب والملاذ، ويقال إنه كان يتبلغ بمقدار ضئيل جدا من الطعام بلغ أحيانا حبة من الأرز في اليوم، واتخذ ذلك طريقا رجاء أن تكشف له أسرار الحياة. ويعرف السبيل للنجاة من عنائها، وقام بألوان من الرياضات النفسية رغبة في أن يطهر نفسه حتى تصل إلى سر الكون، وقد كلفته هذه الأعمال اضمحلالا في جسمه وانحلالا في قواه، وزامله في هذه الفترة القاسية خمسة من النساك، وكانوا يرونه أكثرهم قسوة على نفسه، وأصبرهم على الآلام، ولذلك وضعوه في موضع الزعامة بينهم، إذ كانت الزعامة في ذلك الحين لمن يستطيع أن يكون أشد صرامة وقسوة على جسمه.
وأمضى غوتاما سبع سنين في هذا الصراع العنيف لم يحس في أثنائها ولا في نهايتها بأي أثر يسير به إلى غايته، وأدرك أن ما يفعله ما هو إلا جهاد لجسمه لا يغني فتيلا، وهنا أقدم غوتاما بشجاعة على ما لم يكن معهودا في نساك عصره، هؤلاء النساك الذين يرون محاربة الجسم كأنها غاية وليست وسيلة، ويستمرون في هذه الحرب حتى الفناء، وربما عدوا قديسين بسبب ذلك الموقف، أما غوتاما