فإني لا أرضى برفع يدي عليهم، لا ريب إنهم ظالمون، ومع ذلك لا يطاوعني قلبي في قتالهم. ثم إني إن حاربتهم، فنيت أسرتنا العريقة في المجد بأسرها، وبفنائها تفنى سائر عاداتها وتقاليدها، وإذا ذهبت العادات والتقاليد، فما الذي يمنع البقية الباقية منها، ولا سيما النساء من الضلال والغواية؟ فينتشر الشر وتعم الفتنة في النساء، وبفساد النساء تختلط الأنساب وتزول فروق المراتب البشرية. إن هذا لشر مستطير، وهو ما ينتج من هذه الحرب وسفك الدماء.
فالذين يتحاربون ويسببون هذا الفساد، لا بد من أن يجازوا بالجحيم. وليس هؤلاء وحدهم الذين يصلون بالنار، بل يدخلها أسلافهم كذلك، لأنهم قد فقدوا أخلافهم الذين عليهم أن يقدموا لأرواح الأسلاف ما يجلب لها الراحة والسعادة. وهكذا تفنى الرسوم والعادات، وهكذا يذهب الدين فيصير نسيا منسيا، ونحن ما زلنا نسمع أن الذين كانت حالتهم هكذا، يدخلون الجحيم الأبدي، ولذلك فمباشرتنا الحرب، إثم ليس فوقه إثم! ".
ويجيب كرشنا قائلا:
" إن خورك، يا أرجنا! في هذه الساعة الرهيبة، لعار ليس فوقه عار، وأنت لن تجد بعده راحة البال طول حياتك، وسيكون ذلك سمة سوداء على جبينك لا يمحوها الدهر أبدا، أيها البطل الشجاع! ما هذا الجبن الذي لا يليق برجل مثلك؟ وطد نفسك على الحرب وسر إلى النصر الذي ينتظرك! ".
فقال له أرجنا:
" كيف يحل لي أن أحاربهم وأنا أرى فيهم أساتذتي، وأعمامي، وأخوالي الذين يجب علي احترامهم؟ أليست حياة التسول خير من الملك الذي أناله بقتلهم؟ ".
فيبتسم كرشنا من قول أرجنا، ويقول له: