مقدمة الطبعة الأولى أحس أن من واجبي أن أفتتح هذه المقدمة بشكر الله الذي هدى وأنعم وتفضل، فإن سلسلة مقارنة الأديان التي نخرج اليوم جزأها الرابع قد لاقت من النجاح أضعاف ما كان يؤمل، وقد اشتد عود هذا العلم. وأخذ يلعب دوره في حياتنا الثقافية، وكان المبشرون بالمسيحية يعرفون أطرافا من هذا العلم ويستغلونها وهم ينشرون المسيحية ويقفون في وجه الإسلام، ولكنا أخذنا السلاح منهم وبدأنا نصول به ونجول. والذي لا شك فيه أن الذي يتصدى للتعريف بالإسلام والتبشير به يحتاج إلى هذا العلم احتياجا واسعا: ويجد فيه خير عون له في كفاحه وجهاده.
وقد دخل هذا العلم بعض كليات " جامعة الأزهر " وكان من دواعي ابتهاجي أن انتدبت لتدريسه هناك. وكان إقبال الطلاب على الانتفاع بهذا العلم عظيما، وهم - عبر التاريخ - حماة الإسلام وناشروه في مختلف الأقطار والأصقاع، وقد طربت عندما وعدت بين طلابي بكليات الأزهر شبابا سمر الوجوه جاءوا من بقاع شتى بإفريقية، وآخرين انحدروا من مختلف الأقطار بآسيا. وسيكون لهؤلاء وأولئك في خدمة الإسلام ونشره جولات حاسمة عندما يعودون لبلادهم، وأرجو أن يكون علم " مقارنة الأديان " خير عون لهم في هذه المعمعة.
لقد كان المبشرون الغربيون يعرفون من الإسلام نقاطا يوجهونها توجيها خاصا حتى يصوروها نقائص، ويلقون بها في طريق الإسلام كعقبات تقاوم امتداده، ولم يكن دعاة الإسلام يعرفون عن أديان هؤلاء المبشرين ما يلقون به في وجوههم لصدهم عن الباطل وإعادتهم إلى الرشد، فكانت الغلبة في حومة الوغى العلمي تتم للمبشرين الغربيين غالبا، وقد حضرت في إندونيسيا مرة مناظرة أعدت لتكون من هذا النوع، وفي مطلعها ألقى المبشرون المسيحيون