وقبل أن ندع البوذية يجدر بنا أن نثبت ميزة كبيرة تنسب لها، تلك هي التسامح، فقد كانت البوذية تصل في التسامح إلى حد كبير، وكان بوذا يحذر أتباعه من التعصب المذهبي، ويقرر لهم أن التعصب يعمي عن الحق، وقد أرسل له مهاويرا مرة مريدا من مريديه ليناظره في موضوع الكارما إذ كان لمهاويرا رأي في الكارما يخالف رأي بوذا، وجرت المناظرة فاقتنع مريد مهاويرا برأي بوذا، وطلب أن ينضم إليه، ولكن بوذا نصحه بأن يتريث ويفكر في الأمر، وعاد المريد يذكر أنه فكر وأنه عند رأيه في رغبته في اتباع بوذا، ولكن بوذا طلب إليه أن يعود للتفكير والتدبر، وفي المرة الثالثة نصح بوذا المريد أن يستمر على تبعيته لأستاذه القديم، وصور له كم سيكون صعبا عليه أن يعلم بهذا التحول وبخاصة في هذه المناسبة (1)، ويربط البوذيون بين تسامح الملك آسوكا وبين دخوله البوذية، ويرون أن الانقلاب في حياته من حب للقهر إلى سبل للسلام كان من نتائج دخوله البوذية (2).
البوذية مصدر مهم من مصادر المسيحية:
ذكرنا في الجزء الثاني من هذه الموسوعة عن المسيحية الحالية أنها اقتبست كثيرا من عناصرها المهمة من مصادر بوذية، وقد كتب Edward Thomas كتابا عن هذا الموضوع (3) أورد فيه المؤلف مقارنة دقيقة تبين تأثير البوذية في المسيحية، وأورد للتدليل على ذلك نصوصا من الكتب البوذية المقدسة ونصوصا أخرى من الأناجيل، وبين كيف انتقلت الأفكار من البوذية إلى المسيحية، بل أوضح المؤلف أن طريقة الصياغة أيضا تكاد تكون واحدة وهذا يجعل دراسة البوذية مهمة في تاريخ مقارنة الأديان