دراسات مقارنة بين أديان الهند قلنا فيما سبق إن أديان الهند تسير في فلك واحد، وإن الهندوسية هي الدين الأم، وتتشعب منها الأديان الأخرى، ثم تعود إليها غالبا في صورة أو أخرى، وهكذا تلتقي أديان الهند في الاعتقاد بالكارما وإن اختلفت هذه الأديان في تفسيرها، وتلتقي تبعا لذلك في القول بالتناسخ، وفي محاولة التخلص من تكرار المولد بقتل الرغبات والحرمان، وأديان الهند تتجه للتشاؤم، وتسعى كلها إلى الانطلاق أو النجاة أو النرفانا وليست مدلولات هذه بعيدة الاختلاف.
ويصف Wells (1) الارتباط بين أفكار بوذا وبين سواها من الأفكار بقوله: إن جوتاما لم يكن له أي علم ولا بصيرة بالتاريخ، ولم يكن لديه شعور واضح عن مغامرة الحياة الفسيحة الكثيرة الجوانب في انطلاقها في أرجاء الزمان والفضاء، كان ذهنه محصورا في دائرة فكرات عصره وقومه، وقد جمدت عقولهم حول فكرات التكرار الدائم المتواصل.
وأبرز ألوان الخلاف بين أديان الهند يتضح في مسألة الطبقات، فقد قررتها الهندوسية ووضعت حدودا حاسمة تفصل كلا منها عن الأخرى، ولم تقل بها الجينية ولا البوذية، ولكن أيا منهما لم تستطع أن تتخلص من النظام الطبقي في الحياة العملية.
ومن أوجه الخلاف كذلك مسألة الألوهية، ففي الهندوسية مجموعة كبيرة من الآلهة، وأنكرت الجينية الإله، ورفضت البوذية الحديث عنه، ولكن هذه الهوة لم يطل عمرها، فسرعان ما أله الجينيون مهاويرا والبوذيون بوذا،