لب الدين وتمسكوا بقشوره. كانوا يتشدقون بألفاظ ويدا. ويعملون بظواهرها، فيقيمون الطقوس والعبادات الرسمية، وهم مع اعتقادهم بوحدة الله يعبدون آلهة أخرى، وليس هذا فحسب، بل يعبدون أسلافهم وكذلك يعبدون العفاريت، ويتطيرون ويعتقدون في الفأل، وبجانب هؤلاء وعلى العكس منهم يوجد أناس ينعون على متبعي الظواهر اتجاههم، ولكن هؤلاء - علوا كذلك في مذهبهم، فأنكروا العبادات والظواهر على الاطلاق، زاعمين أنها قشور، وكان أكثر هؤلاء وأولئك مقلدين جامدين. ويوجد أناس آخرون يرون في الرهبانية والتجرد من الدنيا، النجاة، فيهجرون الكسب ويعيشون عالة على الناس.
* * * وكان أرجنا زعيم أحد الحزبين المتحاربين متأثرا بأحوال بيئته، مؤمنا بمعتقدات عصره، وخاضعا للأفكار الشائعة، فلما اصطفت الصفوف، ودقت الطبول، وآن أوان القتال. تلجلج في مباشرته، وجرى بينه وبين " كرشنا " حوار، فوعظه كرشنا، وحثه على القتال. وكتاب كيتا اشتمل على هذا الحوار الذي جرى في ساحة الحرب.
قال أرجنا لكرشنا، وهو واقف بين الصفين، ينظر إلى الذين جاءوا لمحاربته:
" سيدي! أرى أمامي أقاربي الأعزاء وأصدقائي القدماء، ففيهم الأخ وابن الأخ، والخال وابن الخال، والعم وابن العم، فيهم الأبناء والأحفاد، وفيهم الشيوخ الذين نشأت على تبجيلهم، أراهم أمامي، وقلبي يرتعد، ويدي ترتعش، وأشعر بحلقومي كأنه قد جف، هل يليق بي أن أحارب هؤلاء الأحباء الأعزاء، والأسلاف الأجلاء؟ كلا، لأني إن حاربتهم، أحرم من راحة البال أبدا، إن حياة الذل والفقر خير من النصر الذي أناله بقتلهم، أجل، لا يحل لي قتالهم، وإنهم لو قتلوني،